مساوية لغيرها، صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾ أي: يبقى الله - عز وجل - ذو الوجه الكريم، وكان بعض السلف إذا قرأ هاتين الآيتين وصل بعضهما ببعض، قال: ليتبين بذلك كمال الخالق ونقص المخلوق () ؛ لأن المخلوق فانٍ والرب باقٍ، وهذه الملاحظة جيدة أن تصل فتقول: ﴿كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام﴾ وهذا هو محط الثناء والحمد على الله - عز وجل - أن تفنى الخلائق ويبقى الله - عز وجل - وقوله تعالى: ﴿ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ﴾ فيه إثبات الوجه لله - سبحانه وتعالى - ولكنه وجه لا يشبه أوجه المخلوقين، لقوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾ يعني أنت تؤمن بأن لله وجهاً، لكن يجب أن تؤمن بأنه لا يماثل أوجه المخلوقين بأي حال من الأحوال، لقوله تعالى: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾ ولما ظن بعض أهل التعطيل أن إثبات الوجه يستلزم التمثيل أنكروا أن يكون لله وقالوا: المراد بقوله ﴿ويبقى وجه ربك﴾ أي ثوابه، أو أن كلمة ﴿وجه﴾ زائدة، وأن المعنى: ويبقى ربك! ولكنهم ضلوا سواء السبيل، وخرجوا عن ظاهر القرآن وحرفوه وخرجوا عن طريق السلف الصالح، ونحن نقول: إن لله وجهاً، لإثباته له في هذه الآية، ولا يماثل أوجه المخلوقين لنفي المماثلة في قوله: ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾ وبذلك نسلم ونجري النصوص على ظاهرها، المراد بها، وقوله: ﴿ذو الجلال﴾ أي: ذو العظمة ﴿والإكرام ﴾ أي: إكرام من يطيع الله - عز وجل - كما قال تعالى: ﴿أولئك في جنات مكرمون ﴾ فالإكرام أي أنه يكرم من يستحق الإكرام من خلقه، ويحتمل أن يكون لها معنى آخر وهو أنه يُكْرَم من أهل العبادة من خلقه، فيكون الإكرام هذا المصدر صالحاً للمفعول والفاعل، فهو مكرَم ومكرِم ﴿فبأي ءالآء ربكما تكذبان﴾ وهذه الآية تكررت عدة مرات في هذه السورة، ومعناها أنه بأي نعمة من نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس،