من طين، فقوله ﴿من شجر من زقوم ﴾ من شجر متعلقة بأكلهم، ومن زقوم بيان للشجر، وسمي زقوماً لأن الإنسان - والعياذ بالله - إذا أكله يتزقمه تزقماً، لشدة بلعه لا يبتلعه بسهولة ﴿فمالئون منها البطون ﴾ أي: أنهم يملأون البطون من هذا الشجر، مع أن هذا الشجر مرّ خبيث الرائحة، كريه المنظر، لكن لشدة جوعهم يأكلونه كما يأكل الجائع المضطر، فهم يأكلونه على تكره، كما قال الله - عز وجل -: ﴿ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت﴾، فهم يأكلون من هذا الشجر، ويملأون البطون منها، يأتيهم شغف عظيم جداً للأكل، حتى يملأوا بطونهم مما يكرهونه، وهذا أشد في العذاب - نسأل الله العافية - ثم إذا ملأوا بطونهم من هذا الطعام اشتدت حاجتهم إلى الشرب، فكيف يشربون؟ قال الله تعالى: ﴿فشاربون عليه من الحميم﴾ الحميم: هو الماء الحار، يشربون ماءً حارًّا بعد أن يستغيثوا مدة طويلة، وقد وصف الله هذا الماء بقوله: ﴿بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا ﴾ وقال الله - عز وجل -: ﴿وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعاءهم ﴾ فتأمل يا أخي هذا: إذا قربوه من الوجه يشويه وإذا دخل بطونهم قطع أمعاءهم، ومع ذلك يشربونه بشدة: ﴿شرب الهيم ﴾، أي: شرب الإبل، والهيم: جمع هائمة، أو جمع هيماء، يعني أنها شديدة العطش لا يرويها الشيء القليل، فيملأون بطونهم - والعياذ بالله - من الشجر الزقوم، ويشربون من الحميم شرب الهيم، أسأل الله أن يجيرني وإياكم من النار.
﴿هذا نزلهم يوم الدين ﴾ أي: هذه ضيافتهم، بخلاف المؤمنين فإن ضيافتهم جنات الفردوس ﴿إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً خالدين فيها لا يبغون عنهاحولاً ﴾ ثم قال - عز وجل -: ﴿نحن خلقناكم فلولا تصدقون ﴾ وهذا أمر لا أحد ينكره: أن خالقنا هو الله، حتى المشركون الذين يشركون مع الله إذا سئلوا: من خلقهم؟ قالوا: الله، ﴿نحن خلقناكم فلولا تصدقون ﴾ أي: أول


الصفحة التالية
Icon