مرة ﴿فلولا تصدقون ﴾ أي: في إعادتكم ثاني مرة، ولولا هنا بمعنى هلا تصدقون، كان الواجب عليهم وهم يصدقون بأن خالقهم أول مرة هو الله، أن يصدقوا بالخلق الآخر؛ لأن القادر على الخلق الأول قادر على الخلق الآخر من باب أولى، كما قال - عز وجل -: ﴿وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه﴾. وقال - عز وجل -: ﴿وأن عليه النشأة الأُخرى﴾ ثم ضرب الله تعالى أمثالاً بما فيه وجودنا، وما فيه بقاؤنا، وما فيه استمتاعنا، فقال: ﴿أفرءيتم ما تمنون أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون﴾ أي: أخبروني عن هذا المني الذي يخرج منكم: هل أنتم تخلقونه أم الله؟ والجواب: الله - عز وجل - هو الذي يخلقه، فيخرج من بين الصلب والترائب، وهو الذي يخلقه في الرحم خلقاً من بعد خلق، فنحن لا نوجد هذا المني ولا نطوره في الرحم، بل ذلك إلى الله - عز وجل - ﴿أءنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ﴾ الجواب: بل أنت يا ربنا. ﴿نحن قدرنا بينكم الموت﴾ أي: قضيناه بينكم، ﴿كل نفس ذآئقة الموت﴾، ولابد حتى الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، قال الله تعالى: ﴿وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإين مت فهم الخالدون ﴾ ﴿وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون﴾ أي: لا أحد يسبقنا فيمنعنا أن نبدل أمثالكم، بل نحن قادرون على ذلك، وسوف يبدل الله تعالى أمثالنا أي ينشئنا خلقاً آخر وذلك يوم القيامة. ﴿وننشئكم في ما لا تعلمون ﴾ وذلك يوم القيامة ﴿ولقد علمتم النشأة الأُولى﴾ وهي أنكم نشأتم في بطون أمهاتكم، وأخرجكم الله - عز وجل - من العدم ﴿فلولا تذكرون ﴾ أي: فهلا تذكرون وتتعظون، وهذا دليل عقلي من الله - عز وجل - يعرضه على عباده ومعناه: إنا بدأناكم أول مرة فإذا بدأناكم أول مرة، فلسنا بمسبوقين على أن نعيدكم ثاني مرة.
﴿أفرءيتم ما تحرثون أءنتم تزرعونه أم نحن الزارعون﴾ أي: أخبروني أيها المكذبون بالبعث عن الذي تزرعونه بالحرث: هل أنتم الذين تخرجونه زرعاً بعد الحب


الصفحة التالية
Icon