اللحوم وألذها، وهذا الطير من أين يتغذى؟ الجواب: ليس لنا أن نسأل عن هذا، لأن أمور الغيب يجب علينا أن نؤمن بها بدون سؤال، فنقول: إن كانت هذه الطيور تحتاج إلى غذاء فما أكثر ما تتغذى به، لأنها في الجنة، وإن كان لا تحتاج إلى غذاء، فالله على كل شيء قدير.
﴿وحور عين ﴾ الحور هن البيض، وعين: أي حسنات الأعين، وهن ذات العيون الواسعة الجميلة ﴿كأمثال اللؤلؤ المكنون ﴾ أي: المغطى حتى لا تفسده الشمس ولا الهواء ولا الغبار فيكون صافياً من أحسن اللؤلؤ ﴿جزاءً بما كانوا يعملون ﴾ أي: يجزون بهذا الثواب الجزيل ﴿جزاءً بما كانوا يعملون ﴾ أي: بعملهم، أو بالذي كانوا يعملونه لأن (ما) في قوله ﴿بما كانوا يعملون ﴾ يصح أن تكون مصدرية، ويصح أن تكون اسماً موصولاً، والباء هنا للسببية، والباء لها معانٍ كثيرة بحسب السياق فتكون للعوض كقولهم: بعت الثوب بدينار، وتكون للسببية كما في قوله تعالى: ﴿فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات﴾ فقوله: ﴿فأخرجنا به﴾ أي: بسببه، ولا يصح أن تكون الباء في قوله تعالى: ﴿جزاءً بما كانوا يعملون ﴾ للعوض؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لن يدخل الجنة أحد بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته» () فالباء في قوله: ﴿جزاءً بما كانوا يعملون ﴾ أي: بسبب عملهم، وليس المعنى أنه عوض؛ لأن الله تعالى لو أراد أن يعاوضنا لكانت نعمة واحدة تحيط بجميع أعمالنا ﴿وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها﴾ فانتبه لهذا، ولذلك استشكل بعض العلماء قوله تعالى: ﴿جزاءً بما كانوا يعملون ﴾ والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: «لن يدخل أحد الجنة بعمله» والجواب أن الباء في النفي باء العوض، والباء في الإثبات باء السببية ﴿لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاما سلاما﴾ أي: أهل الجنة لا يسمعون كلاماً لا فائدة منه، ولا كلاماً يأثم به الإنسان، فالكلام الذي لا خير فيه،


الصفحة التالية
Icon