﴿رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمن﴾ فالله سبحانه وتعالى هو رب كل شيء، قال الله تعالى: ﴿إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء﴾ [النمل: ٩١]. فهو رب السماوات السبع الطباق، ورب الأرض وهي سبع كما ثبت ذلك في السنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿وما بينهما﴾ أي ما بين السماوات والأرض من المخلوقات العظيمة كالغيوم والسحب والأفلاك وغيرها مما نعلمه، ومما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وقوله: ﴿لا يملكون منه خطاباً﴾ يعني أن الناس لا يملكون الخطاب من الله، ولا يستطيع أحد أن يتكلم إلا بإذن الله، وذلك ﴿يوم يقوم الروح﴾ وهو جبريل ﴿والملائكة صفًّا﴾ أي صفوفاً. صفًّا بعد صف، لأنه كما جاء في الحديث: «تنزل ملائكة السماء الدنيا فتحيط بالخلق، ثم ملائكة السماء الثانية من وراءهم، ثم الثالثة والرابعة والخامسة» وهكذا.. صفوفاً لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم سبحانه وتعالى. ﴿لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صواباً﴾ أي لا يتكلمون ملائكة ولا غيرهم كما قال تعالى: ﴿وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً﴾ [طه: ١٠٨]. ﴿إلا من أذن له الرحمن﴾ بالكلام فإنه يتكلم كما أُذن له. ﴿وقال صواباً﴾ أي قال قولاً صواباً موافقاً لمرضات الله سبحانه وتعالى وذلك بالشفاعة إذا أذن الله لأحد أن يشفع شفع فيما أذن له فيه على حسب ما أُذن له. ﴿ذلك اليوم الحق﴾ أي ذلك الذي أخبرناكم عنه هو اليوم الحق، والحق ضد الباطل أي الثابت الذي يقوم فيه الحق، ويقوم فيه العدل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. ﴿فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً﴾ أي من شاء عمل عملاً يؤوب به إلى الله ويرجع به إلى الله، وذلك العمل الصالح الموافق لمرضاة الله تعالى. وقوله: ﴿فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً﴾ قيدتها آية أخرى وهي قوله تعالى: ﴿لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين﴾ [التكوير: ٢٨، ٢٩]. يعني أننا لنا


الصفحة التالية
Icon