قال تعالى: ﴿إن يوم الفصل كان ميقاتاً﴾ وهو يوم القيامة، وسمي يوم فصل لأن الله يفصل فيه بين العباد فيما شجر بينهم، وفيما كانوا يختلفون فيه، فيفصل بين أهل الحق وأهل الباطل، وأهل الكفر وأهل الإيمان، وأهل العدوان وأهل الاعتدال، ويفصل فيه أيضاً بين أهل الجنة والنار، فريق في الجنة وفريق في السعير. ﴿كان ميقاتاً﴾ يعني موقوتاً لأجل معدود كما قال تعالى: ﴿وما نؤخره إلا لأجل معدود﴾ [هود: ١٠٤]. وما ظنك بشيء له أجل معدود وأنت ترى الأجل كيف يذهب سريعاً يوماً بعد يوم حتى ينتهي الإنسان إلى آخر مرحلة، فكذلك الدنيا كلها تسير يوماً بعد يوم حتى تنتهي إلى آخر مرحلة، ولهذا قال تعالى: ﴿وما نؤخره إلا لأجل معدود﴾ كل شيء معدود فإنه ينتهي. ﴿يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً﴾ والنافخ الموكل فيها إسرافيل، ينفخ فيها نفختين: الأولى: يفزع الناس ثم يصعقون فيموتون، والثانية: يبعثون من قبورهم تعود إليهم أرواحهم، ولهذا قال هنا: ﴿يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً﴾ وفي الاية إيجاز بالحذف أي فتحيون فتأتون أفواجاً؛ فوجاً مع فوج أو يتلو فوجاً، وهذه الأفواج ـ والله أعلم ـ بحسب الأمم كل أمة تدعى إلى كتابها لتحاسب عليه، فيأتي الناس أفواجاً في هذا الموقف العظيم الذي تسوى فيه الأرض فيذرها الله عز وجل قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً، وفي هذا اليوم يقول الله عز وجل: ﴿وفتحت السماء فكانت أبواباً﴾ فتحت وانفرجت فتكون أبواباً يشاهدها الناس بعد أن كانت سقفاً محفوظاً تكون في ذلك اليوم أبواباً مفتوحة، وفي هذا دليل على كمال قدرة الله عز وجل أن هذه السبع الشداد يجعلها الله تعالى يوم القيامة كأن لم تكن، تكون أبواباً ﴿يوم تكون السماء كالمهل. وتكون الجبال كالعهن. ولا يسأل حميم حميماً. يبصرونهم﴾ [المعارج: ٨ ـ ١١]. ﴿وسيرت الجبال فكانت سراباً﴾ أي أن الجبال العظيمة الصماء تُدك فتكون كالرمل ثم تكون كالسراب تسير {وسيرت الجبال فكانت