يحاسبوا بل ينكرون الحساب، ينكرون البعث يقولون: ﴿ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر﴾ فلا يرجون حساباً يحاسبون به لأنهم ينكرون ذلك، هذه عقيدة قلوبهم، أما ألسنتهم فيكذبون يقولون هذا كذب، هذا سحر، هذا جنون، وما أشبه ذلك كما جاء في كتاب الله ما يصف به هؤلاء المكذبون رسل الله، كما قال عز وجل: ﴿كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون﴾ [الذاريات: ٥٢]. وقال الله تعالى عن المكذبين لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿وقال الكافرون هذا ساحر كذاب﴾ [ص: ٤]. وقالوا إنه شاعر ﴿أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون﴾ [الطور: ٣٠]. ﴿وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين﴾ [الحجر: ٧]. ولولا أن الله ثبت أقدام الرسل وصبرهم على قومهم ما صبروا على هذا الأمر، ثم إن قومهم المكذبين لهم لم يقتصروا على هذا بل آذوهم بالفعل كما فعلوا مع الرسول عليه الصلاة والسلام من الأذية العظيمة بل آذوهم بحمل السلاح عليهم، فمن كانت هذه حاله فجزاؤه جهنم جزاءً موافقاً مطابقاً لعمله كما في هذه الاية الكريمة: ﴿جزاء وفاقاً. إنهم كانوا لا يرجون حساباً. وكذبوا بآياتنا كذاباً﴾. قوله تعالى: ﴿وكل شيء أحصيناه كتاباً﴾ ﴿كل شيء﴾ يشمل ما يفعله الله عز وجل من الخلق والتدبير في الكون، ويشمل ما يعمله العباد من أقوال وأفعال، ويشمل كل صغير وكبير ﴿أحصيناه﴾ أي ضبطناه بالإحصاء الدقيق الذي لا يختلف. ﴿كتاباً﴾ يعني كتباً، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن الله تعالى كتب مقادير كل شيء إلى أن تقوم الساعة، ومن جملة ذلك أعمال بني آدم فإنها مكتوبة، بل كل قول يكتب، قال الله تعالى: ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ [ق: ١٨]. رقيب يعني مراقب، والعتيد يعني الحاضر. ودخل رجل على الإمام أحمد رحمه الله وهو مريض يئن من مرضه فقال له: يا أبا عبدالله إن طاووساً وهو أحد التابعين المشهورين


الصفحة التالية
Icon