﴿فإذا جاءت الطامة الكبرى﴾ وذلك قيام الساعة، وسماها طامة لأنها داهية عظيمة تطم كل شيء سبقها. ﴿الكبرى﴾ يعني أكبر من كل طامة. ﴿يوم يتذكر الإنسان ما سعى﴾ لهذا اليوم الذي تكون فيه الطامة الكبرى وهو اليوم الذي يتذكر فيه الإنسان ما سعى، يتذكره مكتوباً، عنده يقرأه هو بنفسه قال الله تعالى: ﴿ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً﴾ [الإسراء: ١٣، ١٤]. إذا قرأه تذكر ما سعى أي ما عمل، أما اليوم فإننا قد نسينا ما عملنا، عملنا أعمالاً كثيرة منها الصالح، ومنها اللغو، ومنها السيىء، لكن كل هذا ننساه، وفي يوم القيامة يعرض علينا هذا في كتاب ويقال اقرأ كتابك أنت بنفسك ﴿كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً﴾ [الإسراء: ١٤]. فحينئذ يتذكر ما سعى ﴿ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً﴾ [النبأ: ٤٠]. ﴿وبُرِّزت الجحيم لمن يرى﴾ ﴿برزت﴾ أظهرت تجيء تقاد بسبعين ألف زمام كل زمام فيه سبعون ألف ملك يجرونها، إذا ألقي منها الظالمون مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً تأتي ـ والعياذ بالله ـ لمن يرى ويبصر فتنخلع القلوب ويشيب المولود ولهذا قال: ﴿فأما من طغى. وآثر الحياة الدنيا﴾ هذان وصفان هما وصفا أهل النار، الطغيان وهو مجاوزة الحد، وإيثار الدنيا على الاخرة بتقديمها على الاخرة وكونها أكبر هم الإنسان، والطغيان مجاوزة الحد، وحد الإنسان مذكور في قوله تعالى: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ [الذاريات: ٥٦]. فمن جاوز حده ولم يعبد الله فهذا هو الطاغي لأنه تجاوز الحد، أنت مخلوق لا لتأكل وتتنعم وتتمتع كما تتمتع الأنعام، أنت مخلوق لعبادة الله فاعبد الله عز وجل، فإن لم تفعل فقد طغيت هذا هو الطغيان ألا يقوم الإنسان بعبادة الله. ﴿وآثر الحياة الدنيا﴾ هما متلازمان فإن الطاغي عن عبادة الله مؤثر للحياة الدنيا لأنه يتعلل بها عن طاعة الله، ويتلهى بها عن طاعة الله، إذا أذن الفجر آثر النوم على الصلاة،


الصفحة التالية
Icon