يتعظ ويتذكر. ﴿أما من استغنى﴾ يعني استغنى بماله لكثرته، واستغنى بجاهه لقوته فهذا ﴿فأنت له تصدى﴾ أي تتعرض وتطلب إقباله عليك وتقبل عليه. ﴿وما عليك ألا يزكى﴾ يعني ليس عليك شيء إذا لم يتزكى هذا المستغني؛ لأنه ليس عليك إلا البلاغ، فبيّن الله سبحانه وتعالى أن ابن أم مكتوم رضي الله عنه أقرب إلى التزكي من هؤلاء العظماء، وأن هؤلاء إذا لم يتزكوا مع إقبال الرسول عليه الصلاة والسلام عليهم فإنه ليس عليه منهم شيء. ﴿وما عليك ألا يزكى﴾ يعني ليس عليك شيء إذا لم يتزكى لأن إثمه عليه وليس عليك إلا البلاغ. ثم قال تعالى: ﴿وأما من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تلهى﴾ هذا مقابل قوله: ﴿أما من استغنى. فأنت له تصدى﴾. ﴿وأما من جاءك يسعى﴾ أي يستعجل من أجل انتهاز الفرصة إلى حضور مجلس النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ﴿وهو يخشى﴾ أي يخاف الله عز وجل بقلبه. ﴿فأنت عنه تلهى﴾ أي تتلهى عنه وتتغافل لأنه انشغل برؤساء القوم لعلهم يهتدون. ﴿كلا﴾ يعني لا تفعل مثل هذا ولهذا نقول: إن ﴿كلا﴾ هنا حرف ردع وزجر أي لا تفعل مثل ما فعلت. ﴿إنها تذكرة﴾ ﴿إنها﴾ أي الايات القرآنية التي أنزلها الله على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ﴿تذكرة﴾ تذكر الإنسان بما ينفعه وتحثه عليه، وتذكر له ما يضره وتحذره منه ويتعظ بها القلب. ﴿فمن شاء ذكره﴾ أي فمن شاء ذكر ما نزل من الموعظة فاتعظ، ومن شاء لم يتعظ لقول الله تعالى: ﴿وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر﴾ [الكهف: ٢٩]. فالله جعل للإنسان الخيار قدراً بين أن يؤمن ويكفر، أما شرعاً فإنه لا يرضى لعباده الكفر، وليس الإنسان lخير شرعاً بين الكفر والإيمان بل هو مأمور بالإيمان ومفروض عليه الإيمان، لكن من حيث القدر هو مخير وليس كما يزعم بعض الناس مسير مجبر على عمله، بل هذا قول مبتدع ابتدعه الجبرية من الجهمية وغيرهم. ﴿فمن شاء ذكره﴾ أي ذكر ما نزل من الوحي فاتعظ به، ومن شاء لم يذكره، والموفق من


الصفحة التالية
Icon