في هذه الايات ﴿إنه لقول رسول كريم. ذي قوة عند ذي العرش مكين﴾ أقسم الله عز وجل على أن هذا القرآن قول هذا الرسول الكريم الملكي جبريل عليه الصلاة والسلام، وفي آية أخرى بين الله سبحانه وتعالى وأقسم أن هذا القرآن قول رسول كريم بشري في قوله تعالى: ﴿فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون. إنه لقول رسول كريم. وما هو بقول شاعر﴾ [الحاقة: ٣٨ ـ ٤١]. فالرسول هنا في سورة التكوير رسول ملكي أي من الملائكة وهو جبريل عليه الصلاة والسلام، والرسول هناك رسول بشري وهو محمد عليه الصلاة والسلام، والدليل على هذا واضح. هنا قال: ﴿إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين﴾ وهذا الوصف لجبريل، لأنه هو الذي عند الله، أما محمد عليه الصلاة والسلام فهو في الأرض. هناك قال: ﴿فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر﴾ ردًّا لقول الكفار الذين قالوا إن محمداً شاعر ﴿ولا بقول كاهن﴾ فأيهما أعظم قسماً ﴿فلا أقسم بالخنس. الجوار الكنس. والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس إنه لقول رسول كريم ذي قوة﴾ أو ﴿فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم﴾، الثاني أعظم، ليس فيه شيء أعمّ منه ﴿بما تبصرون وما لا تبصرون﴾ كل الأشياء إما نبصرها أو لا نبصرها. إذن أقسم الله بكل شيء. وهنا أقسم بالايات العلوية ﴿فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس. والليل إذا عسعس. والصبح إذا تنفس﴾ هذه آيات علوية أفقية تناسب الرسول الذي أُقسم على أنه قوله وهو جبريل؛ لأن جبريل عند الله.
فإذا قال قائل: كيف يصف الله القرآن بأنه قول الرسول البشري، والرسول الملكي؟
فنقول: نعم الرسول الملكي بلّغه إلى الرسول البشري، والرسول البشري بلغه إلى الأمة، فصار قول هذا بالنيابة، قول جبريل بالنيابة وقول محمد بالنيابة، والقائل الأول هو الله عز وجل، فالقرآن قول الله حقيقة، وقول جبريل باعتبار أنه بلغه لمحمد، وقول محمد باعتبار أنه بلغه إلى الأمة.