﴿إذا السماء انفطرت﴾ يعني انشقت كما قال الله تبارك وتعالى: ﴿إذا السماء انشقت. وأذنت لربهاوحقت﴾ [الانشقاق: ١، ٢]. ﴿وإذا الكواكب انتثرت﴾ يعني النجوم صغيرها وكبيرها تنتثر وتتفرق وتتساقط لأن العالم انتهى، ﴿وإذا البحار فجِّرت﴾ أي فُجر بعضها على بعض وملئت الأرض ﴿وإذا القبور بعثرت﴾ أي أخرج ما فيها من الأموات حتى قاموا لله عز وجل، فهذه الأمور الأربعة إذا حصلت ﴿علمت نفس ما قدمت وأخرت﴾ ﴿نفس﴾ هنا نكرة لكنها بمعنى العموم إذ أن المعنى: علمت كل نفس ما قدمت وأخرت، وذلك بما يُعرض عليها من الكتاب، فكل إنسان ألزمه الله طائره في عنقه ويخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً. وفي ذلك اليوم يقول المجرمون: مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فيعلم الإنسان ما قدم وأخر، بينما هو في الدنيا قد نسي، لكن يوم القيامة يعرض العمل فتعلم كل نفس ما قدمت وأخرت، والغرض من هذا التحذير تحذير العبد من أن يعمل مخالفة لله ورسوله؛ لأنه سوف يعلم بذلك ويحاسب عليه، ﴿يا أيها الإنسان﴾ المراد بالإنسان هنا قيل: هو الكافر، وقيل: الإنسان من حيث هو إنسان؛ لأن الإنسان من حيث هو إنسان ظلوم جهول، ظلوم كفار ﴿إن الإنسان لظلوم كفار﴾ [إبراهيم: ٣٤]. فيقول الله عز وجل: ﴿يا أيها الإنسان﴾ ويخاطب الإنسان من حيث هو إنسان بقطع النظر عن ديانته ﴿ما غرك بربك الكريم﴾ يعني أي شيء غرك بالله حيث تكذبه في البعث، تعصيه في الأمر والنهي، بل ربما يوجد من ينكر الله عز وجل فما الذي غرك؟! قال بعض العلماء: إن قوله تعالى: ﴿ما غرك بربك الكريم﴾ إشارة إلى الجواب، وهو أن الذي غر الإنسان كرم الله عز وجل وإمهاله وحلمه، لكنه لا يجوز أن يغتر الإنسان بذلك فإن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، إذاً ما غرك بربك الكريم؟ الجواب: كرمه وحلمه هذا هو الذي غر الإنسان وصار يتمادى في المعصية في التكذيب، يتمادى في