﴿إذا السماء انشقت﴾ انشقت: انفتحت وانفرجت كقوله تعالى: ﴿وإذا السماء فُرجت﴾ [المرسلات: ٩]. وكقوله تعالى: ﴿فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان. فبأي ألاء ربكما تكذبان. فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان﴾ [الرحمن: ٣٩]. إذاً فانشقاقها يوم القيامة. ﴿وأذنت لربها﴾ أذنت: بمعنى استمعت وأطاعت أمر ربها عز وجل أن تنشق فانشقت بينما هي كانت كما وصفها الله تعالى ﴿سبعاً شداداً﴾ [النبأ: ١٢]. قوية كما قال تعالى: ﴿والسماء بنيناها بأيد﴾ [الذاريات: ٤٧]. أي بقوة فهذه السماء القوية العظيمة تنشق يوم القيامة تتشقق تتفرج بإذن الله سبحانه وتعالى ﴿وحقت﴾ أي حق لها أن تأذن، أي تسمع وتطيع؛ لأن الذي أمرها الله ربها خالقها عز وجل، فتسمع وتطيع، كما أنها سمعت وأطاعت في ابتداء خلقها، ففي ابتداء خلقها قال الله تبارك وتعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين﴾ [فصلت: ١١]. فتأمل أيها الادمي البشر الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة تسمع وتطيع لله عز وجل، هذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق. في ابتداء الخلق قال: ﴿ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين﴾ في انتهاء الخلق ﴿إذا السماء انشقت. وأذنت لربها وحقت﴾ حُق لها أن تأذن تسمع وتطيع. ثم أعاد قال: ﴿وأذنت لربها وحقت﴾ تأكيداً لاستماعها لربها وطاعتها لربها. ﴿وإذا الأرض مدت﴾ هذه الأرض التي نحن عليها الان هي غير ممدودة، أولاً: أنها كرة مدورة، وإن كانت جوانبها الشمالية والجنوبية منفتحة قليلاً ـ أي ممتدة قليلاً ـ فهي مدورة الان، ثانياً: ثم هي أيضاً معرجة فيها المرتفع جداً، وفيها المنخفض، فيها الأودية، فيها السهول، فيها الرمال، فهي غير مستوية لكن يوم القيامة ﴿وإذا الأرض مدت﴾ أي تمد مدًّا واحداً كمد الأديم يعني كمد الجلد، كأنما تفرش جلداً أو سماطاً، تُمد حتى إن الذين عليها ـ وهم الخلائق ـ يُسمعهم الداعي،