إلا يوم القيامة. إذن فهي عاملة ناصبة بما تكلف به من جر السلاسل والأغلال، والخوض في نار جهنم أعاذنا الله منها. ﴿تصلى ناراً حامية﴾ أي تدخل في نار جهنم، والنار الحامية التي بلغت من حموها أنها فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءًا، يعني نار الدنيا كلها بما فيها من أشد ما يكون من حرارة نار جهنم أشد منها بتسعة وستين جزءًا، ويدلك على شدة حرارتها أن هذه الشمس حرارتها تصل إلينا مع بعد ما بيننا وبينها، ومع أنها تنفذ من خلال أجواء باردة غاية البرودة وتصل لنا هذه الحرارة التي تدرك ولاسيما في أيام الصيف، فالنار نار حامية، ولما بين مكانهم، وأنهم في نار جهنم الحامية، بين طعامهم وشرابهم فقال: ﴿تسقى من عين آنية. ليس لهم طعام إلا من ضريع﴾ ﴿تسقى﴾ أي هذه الوجوه ﴿من عين آنية﴾ أي شديدة الحرارة، هذا بالنسبة لشرابهم، ومع هذا لا يأتي هذا الشراب بكل سهولة، أو كلما عطشوا سقوا، وإنما يأتي كلما اشتد عطشهم واستغاثوا كما قال تعالى: ﴿وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب﴾ [الكهف: ٢٩]. هذا الماء إذا قرب من وجوههم شواها وتساقط لحمها، وإذا دخل في أجوافهم قطعها، يقول عز وجل: ﴿وسقوا ماءً حميماً فقطع أمعائهم﴾ [محمد: ١٥]. إذن لا يستفيدون منه لا ظاهراً ولا باطناً، لا ظاهراً بالبرودة ببرد الوجوه، ولا باطناً بالري، ولكنهم ـ والعياذ بالله ـ يغاثون بهذا الماء ولهذا قال: ﴿تسقى من عين آنية﴾.
فإذا قال قائل: كيف تكون هذه العين في نار جهنم والعادة أن الماء يطفىء النار؟