﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لَغِيَةً * فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ * فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ * وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ * وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ * وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ﴾.
ثم ذكر الله عز وجل القسم الثاني من أقسام الناس في يوم الغاشية فقال: ﴿وجوه يومئذ ناعمة﴾ أي ناعمة بما أعطاها الله عز وجل من السرور والثواب الجزيل؛ لأنها علمت ذلك وهي في قبورها، فإن الإنسان في قبره ينعم، يفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، فهي ناعمة ﴿لسعيها راضية﴾ أي لعملها الذي عملته في الدنيا راضية لأنها وصلت به إلى هذا النعيم وهذا السرور وهذا الفرح، فهي راضية لسعيها بخلاف الوجوه الأولى فإنها غاضبة ـ والعياذ بالله ـ غير راضية على ما قدمت. ﴿في جنة عالية﴾ الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله عز وجل لأوليائه يوم القيامة، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال الله تبارك وتعالى: ﴿فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون﴾ [السجدة: ١١]. وقال تبارك وتعالى: ﴿قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم للزكاة فاعلون﴾ إلى قوله: ﴿أولئك هم الوارثون. الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون﴾ [المؤمنون: ١٠، ١١]. وقال الله تعالى: ﴿وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون﴾ [الزخرف: ٧١]. فهم في ﴿جنة عالية﴾ العلو ضد السفول فهي فوق السماوات السبع، ومن المعلوم أنه في يوم القيامة تزول السماوات السبع والأرضون ولا يبقى إلا الجنة والنار فهي عالية وأعلاها ووسطها الفردوس الذي فوقه عرش الرب جل وعلا. ﴿لا تسمع فيها لاغية﴾ أي لا تسمع في هذه الجنة قولةً لاغية، أو نفساً لاغية، بل كل ما فيها جد، كل ما فيها سلام، كل ما فيها تسبيح، وتحميد، وتهليل، وتكبير، يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس، أي أنه لا


الصفحة التالية
Icon