هل هذه حياة؟ ولهذا قال بعض الشعراء الحكماء:
لا طيب للعيش مادامت منغصة لذاته بادكار الموت والهرم كل إنسان يتذكر أن مآله أحد أمرين: إما الموت، وإما الهرم، نحن نعرف أناساً كانوا شباباً في عنفوان الشباب عُمّروا لكن رجعوا إلى أرذل العمر، يَرقُ لهم الإنسان إذا رآهم في حالة بؤس، حتى وإن كان عندهم من الأموال ما عندهم، وعندهم من الأهل ما عندهم، لكنهم في حالة بؤس، وهكذا كل نسان إما أن يموت مبكراً، وإما أن يُعمّر فيرد إلى أرذل العمر فهل هذه حياة؟ الحياة هي ما بينه الله عز وجل: ﴿وإن الدار الاخرة لهي الحيوان﴾ يعني لهي الحياة التامة ﴿لو كانوا يعلمون﴾ [العنكبوت: ٦٤]. يقول هذا: ﴿يا ليتني قدمت لحياتي﴾ يتمني لكن لا يحصل ﴿أنى له الذكرى﴾. قال تعالى: ﴿فيومئذ لا يعذِّب عذابه أحد، ولا يُوثَق وثاقه أحد﴾ فيها قراءتان: الأولى ﴿لا يعذِّب عذابه أحد ولا يوثِقُ وَثاقه أحد﴾ أي لا يعذب عذاب الله أحد، بل عذاب الله أشد، ولا يوثق وثاق الله أحد، بل هو أشد. القراءة الثانية: ﴿لا يعذَّب عذابه أحد ولا يُوثَق وثاقه أحد﴾ يعني في هذا اليوم لا أحد يعذب عذاب هذا الرجل، ولا أحد يوثق وثاقه، ومعلوم أن هذا الكافر لا يعذب أحد عذابه في ذلك اليوم، لأنه يُلقى على أهل النار في الموقف العطش الشديد، فينظرون إلى النار كأنها السراب، والسراب هو ما يشاهده الإنسان في أيام الصيف في شدة الحر من البقاع حتى يخيل إليه أنه الماء، ينظرون إلى النار كأنها سراب وهم عطاش، فيتهافتون عليها يذهبون إليها سراعاً يريدون أي شيء؟ يريدون الشرب، فإذا جاؤوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها: ﴿ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا﴾ [الزمر: ٧١]. قد قامت عليكم الحجة فيوبخونهم قبل أن يدخلوا النار، والتوبيخ عذاب قلبي وألم نفسي قبل أن يذوقوا ألم النار، وفي النار يوبخهم الجبار عز وجل توبيخاً أعظم من هذا. ويقولون {ربنا غلبت علينا شقوتنا