.﴿ بما أنزلت ﴾: هو القرآن أنزله الله سبحانه وتعالى على محمد ﷺ ﴿ مصدقاً لما معكم ﴾ أي مصدقاً لما ذُكر في التوراة، والإنجيل من أوصاف محمد ﷺ ومن أوصاف القرآن الذي يأتي ﷺ به؛ وكذلك أيضاً هو مصدق لما معهم: شاهد للتوراة، والإنجيل بالصدق؛ فصار تصديق القرآن لما معهم من وجهين؛ الوجه الأول: أنه وقع مطابقاً لما أخبرت التوراة، والإنجيل به؛ والوجه الثاني: أنه قد شهد لهما بالصدق؛ فالقرآن يدل دلالة واضحة على أن الله أنزل التوراة، وأنزل الإنجيل. وهذه شهادة لهما بأنهما صدق. ؛ وكذلك التوراة، والإنجيل قد ذُكر فيهما من أوصاف القرآن، ومن أوصاف محمد ﷺ حتى صاروا يعرفونه كما يعرفون أبناءهم؛ فإذا وقع الأمر كما ذُكر فيهما صار ذلك تصديقاً لهما؛ ولهذا لو حدثتك بحديث، فقلت أنت: "صدقتَ"، ثم وقع ما حدثتك به مشهوداً تشاهده بعينك؛ صار الوقوع هذا تصديقاً أيضاً..
قوله تعالى: ﴿ ولا تكونوا أول كافر به ﴾ يعني لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول كافر به؛ ولا يعني ذلك كونوا ثاني كافر؛ والضمير في قوله تعالى: ﴿ تكونوا ﴾ ضمير جمع، و﴿ كافر ﴾ مفرد، فكيف يصح أن تخبر بالمفرد عن الجماعة؟
والجواب: قال المفسرون: إن تقدير الكلام: أول فريق كافر به؛ لأن الخطاب لبني إسرائيل عموماً. وهم جماعة...
قوله تعالى: ﴿ ولا تشتروا ﴾ أي لا تأخذوا؛ ﴿ بآياتي ثمناً قليلاً ﴾ أي الجاه، والرئاسة، وما أشبه ذلك؛ لأن بني إسرائيل إنما كفروا يريدون الدنيا؛ ولو أنهم اتبعوا محمداً ﷺ لكانوا في القمة، ولأوتوا أجرهم مرتين؛ لكن حسداً، وابتغاء بقاء الجاه، والشرف، وأنهم هم أهل كتاب حسدوا النبي ﷺ (، فلم يؤمنوا به..