قوله تعالى: ﴿ وتكتموا الحق ﴾: هنا الواو تحتمل أنها عاطفة، وتحتمل أنها واو المعية؛ والمعنى على الأول: لا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق؛ فتكون الجملتان منفرداً بعضهما عن بعض؛ ويحتمل أن تكون الواو للمعية، فيكون النهي عن الجمع بينهما؛ والمعنى: ولا تلبسوا الحق بالباطل مع كتمان الحق؛ لكن على هذا التقدير يبقى إشكال: وهو أن قوله تعالى: ﴿ لا تلبسوا الحق بالباطل ﴾ يقتضي أنهم يذكرون الحق، والباطل؛ فيقال: نعم، هم وإن ذكروا الحق والباطل فقد كتموا الحق في الحقيقة؛ لأنهم لبسوه بالباطل، فيبقى خفياً..
قوله تعالى: ﴿ وأنتم تعلمون ﴾: الجملة في موضع نصب على الحال. أي والحال أنكم تعلمون صنيعكم...
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: وجوب بيان الحق، وتمييزه عن الباطل؛ فيقال: هذا حق، وهذا باطل؛ لقوله تعالى:
﴿ ولا تلبسوا الحق بالباطل ﴾؛ ومن لبْس الحق بالباطل: أولئك القوم الذين يوردون الشبهات إما على القرآن، أو على أحكام القرآن، ثم يزيلون الإشكال. مع أن إيراد الشبه إذا لم تكن قريبة لا ينبغي. ولو أزيلت هذه الشبهة؛ فإن الشيطان إذا أوقع الشبهة في القلب فقد تستقر فيه. وإن ذكِر ما يزيلها...
. ٢ ومن فوائد الآية: أنه ليس هناك إلا حق، وباطل؛ وإذا تأملت القرآن والسنة وجدت الأمر كذلك؛ قال تعالى: ﴿ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل﴾ [الحج: ٦٢]، وقال تعالى: ﴿وإنا أو إياكم لعلى هدًى أو في ضلال مبين﴾ [سبأ: ٢٤]، وقال تعالى: ﴿فماذا بعد الحق إلا الضلال﴾ [يونس: ٣٢]، وقال تعالى: ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾ [الكهف: ٢٩]، وقال النبي ﷺ "القرآن حجة لك أو عليك"(١)..