قوله تعالى: ﴿ وآتوا الزكاة ﴾ أي أعطوا الزكاة؛ و "آت" التي بمعنى "أعطِ" تنصب مفعولين؛ المفعول الأول هنا الزكاة؛ والمفعول الثاني محذوف؛ والتقدير: أهلَها؛ و﴿ الزكاة ﴾ هي المال المدفوع امتثالاً لأمر الله إلى أهله من أموال مخصوصة معروفة؛ وسمي بذل المال زكاة؛ لأنه يزكي النفس، ويطهرها، كما قال الله تعالى: ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ [التوبة: ١٠٣]..
قوله تعالى: ﴿ واركعوا مع الراكعين ﴾ أي صلوا مع المصلين؛ وإنما قلنا ذلك؛ لأنه لا يُتعبد لله بركوع مجرد
الفوائد:
. ١ من فوائد الآية: أن الصلاة واجبة على الأمم السابقة، وأن فيها ركوعاً كما أن في الصلاة التي في شريعتنا ركوعاً؛ وقد دلّ على ذلك أيضاً قول الله تعالى لمريم: ﴿يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين﴾ [آل عمران: ٤٣] ؛ فعلى الأمم السابقة صلاة فيها ركوع، وسجود..
. ٢ ومنها: أن الأمم السابقة عليهم زكاة؛ لأنه لابد من الامتحان بالزكاة؛ فإن من الناس من يكون بخيلاً. بذل الدرهم عليه أشد من شيء كثير. ؛ فيُمتحَن العباد بإيتاء الزكاة، وبذلِ شيء من أموالهم حتى يُعلم بذلك حقيقة إيمانهم؛ ولهذا سميت الزكاة صدقة؛ لأنها تدل على صدق إيمان صاحبها..
. ٣ ومنها: الإجمال في موضع، وتبيينه في موضع آخر؛ لقوله تعالى: ( وآتوا الزكاة) ولم يبين مقدار الواجب، ولا من يدفع إليه، ولا الأموال التي فيها الزكاة؛ لكن هذه الأشياء مبينة في موضع آخر؛ إذ لا يتم الامتثال إلا ببيانها..
. ٤ ومنها: جواز التعبير عن الكل بالبعض إذا كان هذا البعض من مباني الكل التي لا يتم إلا بها؛ لقوله تعالى: ( واركعوا مع الراكعين)


الصفحة التالية
Icon