قوله تعالى: ﴿ وباءوا بغضب من الله ﴾ أي رجعوا؛ والباء للمصاحبة؛ و﴿ من ﴾ للابتداء؛ يعني الغضب من الله. أي أن الله غضب عليهم، كما قال تعالى: ﴿قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت﴾ [المائدة: ٦٠]..
قوله تعالى: ﴿ ذلك ﴾: الظاهر أن المشار إليه كل ما سبق، وليس فقط قوله تعالى: ﴿وضربت عليهم الذلة...﴾؛ فكل ما سبق مشار إليه حتى سؤالهم الذي هو أدنى عن الذي هو خير؛ ﴿بأنهم﴾: الباء للسببية؛ ﴿كانوا يكفرون بآيات الله ﴾ أي يكذبون بها؛ والمراد الآية الكونية، والشرعية؛ فالشرعية تتعلق بالعبادة؛ والكونية تتعلق بالربوبية، فهم يكفرون بهذا، وبهذا..
قوله تعالى: ﴿ ويقتلون النبيين ﴾ أي يعتدون عليهم بالقتل؛ وفي قوله تعالى: ﴿ النبيين ﴾ قراءتان؛ الأولى: بتشديد الياء بدون همز: ﴿ النبيِّين ﴾؛ والثانية: بتخفيف الياء، والهمز: ﴿ النبيئين ﴾ ؛ فعلى القراءة الأولى قيل: إنه مشتق من النَّبْوَة. وهو الارتفاع؛ لارتفاع منْزلة الأنبياء؛ وقيل: من النبأ، وأبدلت الهمزة ياءً تخفيفاً؛ وعلى القراءة الثانية فإنه مشتق من النبأ، لأن الأنبياء مخبرون عن الله عزّ وجلّ..
قوله تعالى ﴿ بغير الحق ﴾ أي بالباطل المحض؛ وهذا القيد لبيان الواقع، وللتشنيع عليهم بفعلهم؛ لأنه لا يمكن قتل نبي بحق أبداً..
قوله تعالى: ﴿ ذلك ﴾: المشار إليه ما سبق من كفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق؛ ﴿ بما عصوا ﴾: الباء للسببية؛ و "المعصية" الخروج عن الطاعة إما بترك المأمور؛ وإما بفعل المحظور؛ ﴿ وكانوا يعتدون ﴾ معطوف على قوله تعالى: ﴿ بما عصوا ﴾؛ و "الاعتداء" مجاوزة الحد إما بالامتناع عما يجب للغير؛ أو بالتعدي عليه..


الصفحة التالية
Icon