.﴿ ١٢ ﴾ قوله تعالى: ﴿ ألا إنهم هم المفسدون ﴾؛ ﴿ ألا ﴾: أداة تفيد التنبيه، والتأكيد؛ و﴿ إنهم ﴾: توكيد أيضاً؛ و﴿ هم ﴾: ضمير فصل يفيد التوكيد أيضاً؛ فالجملة مؤكدة بثلاثة مؤكدات: ﴿ ألا ﴾، و "إن"، و﴿ هم ﴾ وهذا من أبلغ صيغ التوكيد؛ وأتى بـ "أل" الدالة على حقيقة الإفساد، وأنهم هم المفسدون حقاً؛ ووجه حصر الإفساد فيهم أن ﴿ هم ﴾ ضمير فصل يفيد الحصر. أي هم لا غيرهم المفسدون؛ وهذا كقوله تعالى: ﴿هم العدو فاحذرهم﴾ [المنافقون: ٤] أي هم لا غيرهم؛ فلا عداء أبلغ من عداء المنافقين للمؤمنين؛ ولا فساد أعظم من فساد المنافقين في الأرض..
قوله تعالى: ﴿ ولكن لا يشعرون ﴾ أي لا يشعرون أنهم مفسدون؛ لأن الفساد أمر حسي يدرك بالشعور والإحساس؛ فلبلادتهم وعدم فهمهم للأمور، لا يشعرون بأنهم هم المفسدون دون غيرهم..
الفوائد:
. ١ من فوائد الآيتين: أن النفاق الذي هو إظهار الإسلام، وإبطان الكفر من الفساد في الأرض؛ لقوله تعالى: ﴿ وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض ﴾؛ والنفاق من أعظم الفساد في الأرض..
. ٢ ومنها: أن من أعظم البلوى أن يُزَيَّن للإنسان الفساد حتى يَرى أنه مصلح؛ لقولهم: ( إنما نحن مصلحون )
. ٣ ومنها: أن غير المؤمن نظره قاصر، حيث يرى الإصلاح في الأمر المعيشي فقط؛ بل الإصلاح حقيقة أن يسير على شريعة الله واضحاً صريحاً..
. ٤ ومنها: أنه ليس كل من ادعى شيئاً يصدق في دعواه؛ لأنهم قالوا: ﴿ إنما نحن مصلحون ﴾؛ فقال الله تعالى: ﴿ ألا إنهم هم المفسدون ﴾؛ وليس كل ما زينته النفس يكون حسناً، كما قال تعالى: ﴿أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسناً فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾ [فاطر: ٨]..
. ٥ ومنها: أن الإنسان قد يبتلى بالإفساد في الأرض، ويخفى عليه فساده؛ لقوله تعالى: { ولكن لا يشعرون