قوله تعالى: ﴿ وإذا خلوا إلى شياطينهم ﴾؛ ضُمِّن الفعل هنا معنى "رجعوا"؛ ولذلك عُدِّي بـ﴿ إلى ﴾، لكن عُدِّي بالفعل ﴿ خلوا ﴾ ليكون المعنى: رجعوا خالِين بهم؛ والمراد بـ﴿ شياطينهم ﴾ كبراؤهم؛ وسمي كبراؤهم بـ "الشياطين" لظهور تمردهم؛ وقد قيل: إن "الشيطان" كل مارد؛ أي كل عاتٍ من الجن، أو الإنس، أو غيرهما: شيطان؛ وقد وصف النبي ﷺ الكلب الأسود بأنه شيطان؛ وليس معناه شيطان الجن؛ بل معناه: الشيطان في جنسه: لأن أعتى الكلاب، وأشدها قبحاً هي الكلاب السود؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم: "الكلب الأسود شيطان"(١) ؛ ويقال للرجل العاتي: هذا شيطان بني فلان. أي مَريدهم، وعاتيهم..
وكلمة: "شيطان" : النون فيها أصلية من "شطن" بمعنى بعُد؛ ولكونها أصلية صُرف الاسم بتنوين، كما في قوله تعالى: ﴿ ويتبع كل شيطان مريد ﴾ [الحج: ٣] ؛ ولو كانت النون والألف زائدتان منعت من الصرف؛ لأن الألف والنون إذا كانتا زائدتين في عَلَم؛ أو وصف فإنه يُمنع من الصرف؛ وأما إذا كانتا زائدتين في غير علم، ولا وصف فإنه لا يمنع من الصرف..
قوله تعالى: ﴿ إنا معكم ﴾ أي صحب مقارنون لكم تابعون لكم؛ ﴿ إنما نحن مستهزئون ﴾ أي ما نحن إلا ساخرون بالمؤمنين: نظهر لهم أنا مسلمون لنخادعهم..
.﴿ ١٥ ﴾ قوله تعالى: ﴿ الله يستهزئ بهم ﴾ أي يسخر تبارك وتعالى بهم بما أملى لهم، وكفّ أيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه عن قتلهم. مع أنهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار..


الصفحة التالية
Icon