وأما قوله تعالى في أصحاب النار: ﴿خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك﴾ [هود: ١٠٧] فهي كقوله تعالى في أصحاب الجنة: ﴿خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك﴾ [هود: ١٠٨] لكن لما كان أهل الجنة نعيمهم، وثوابهم فضلاً ومنَّة، بيَّن أن هذا الفضل غير منقطع، فقال تعالى: ﴿عطاءً غير مجذوذ﴾ [هود: ١٠٨] ؛ ولما كان عذاب أهل النار من باب العدل، والسلطان المطلق للرب عزّ وجلّ قال تعالى في آخر الآية: ﴿إن ربك فعال لما يريد﴾ [هود: ١٠٧] ؛ وليس المعنى: ﴿إن ربك فعال لما يريد﴾ [هود: ١٠٧] أنه سوف يخرجه من النار، أو سوف يُفني النار..
. ٥ ومن فوائد الآية: أن النار دار للكافرين؛ لقوله تعالى: ﴿ أعدت للكافرين ﴾؛ وأما من دخلها من عصاة المؤمنين فإنهم لا يخلدون فيها؛ فهم فيها كالزوار؛ لا بد أن يَخرجوا منها؛ فلا تسمى النار داراً لهم؛ بل هي دار للكافر فقط؛ أما المؤمن العاصي. إذا لم يعف الله عنه. فإنه يعذب فيها ما شاء الله، ثم يخرج منها إما بشفاعة؛ أو بمنة من الله وفضل؛ أو بانتهاء العقوبة..
مسألة:
إذا قال قائل: ما وجه الإعجاز في القرآن؟ وكيف أعجز البشر؟..
الجواب: أنه معجز بجميع وجوه الإعجاز؛ لأنه كلام الله، وفيه من وجوه الإعجاز ما لا يدرك؛ فمن ذلك:.
أولاً: قوة الأسلوب، وجماله؛ والبلاغة، والفصاحة؛ وعدم الملل في قراءته؛ فالإنسان يقرأ القرآن صباحاً، ومساءً. وربما يختمه في اليومين، والثلاثة. ولا يمله إطلاقاً؛ لكن لو كرر متناً من المتون كما يكرر القرآن ملّ..
ثانياً: أنه معجز بحيث إن الإنسان كلما قرأه بتدبر ظهر له بالقراءة الثانية ما لم يظهر له بالقراءة الأولى..
ثالثاً: صدق أخباره بحيث يشهد لها الواقع؛ وكمال أحكامه التي تتضمن مصالح الدنيا، والآخرة؛ لقوله تعالى: ﴿وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ﴾ (الأنعام: ١١٥)


الصفحة التالية
Icon