رابعاً: تأثيره على القلوب، والمناهج؛ وآثاره، حيث ملك به السلف الصالح مشارق الأرض، ومغاربها..
وأما كيفية الإعجاز فهي تحدي الجن، والإنس على أن يأتوا بمثله، ولم يستطيعوا..
مسألة:. ثانية:.
حكى الله عزّ وجلّ عن الأنبياء، والرسل، ومن عاندهم أقوالاً؛ وهذه الحكاية تحكي قول من حُكيت عنه؛ فهل يكون قول هؤلاء معجزاً. يعني مثلاً: فرعون قال لموسى: ﴿لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك من المسجونين﴾ [الشعراء: ٢٩] : هذا يحكيه الله عزّ وجلّ عن فرعون؛ فيكون القول قول فرعون؛ فكيف كان قول فرعون معجزاً والإعجاز إنما هو قول الله عزّ وجلّ؟
فالجواب: أن الله تعالى لم يحك كلامهم بلفظه؛ بل معناه؛ فصار المقروء في القرآن كلام الله عزّ وجلّ. وهو معجز..
القرآن
)وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: ٢٥)
التفسير:
.﴿ ٢٥ ﴾ مناسبة الآية لما قبلها أن الله لما ذكر وعيد الكافرين المكذبين للرسول ﷺ ذكر وعد المؤمنين به، فقال تعالى: ﴿ وبشر... ﴾ الآية؛ و "البشارة" هي الإخبار بما يسر؛ وسميت بذلك لتغير بَشَرة المخاطَب بالسرور؛ لأن الإنسان إذا أُخبر بما يُسِرُّه استنار وجهه، وطابت نفسه، وانشرح صدره؛ وقد تستعمل "البشارة" في الإخبار بما يسوء، كقوله تعالى: ﴿ فبشرهم بعذاب أليم ﴾ [آل عمران: ٢١] : إمَّا تهكماً بهم؛ وإما لأنهم يحصل لهم من الإخبار بهذا ما تتغير به بشرتهم، وتَسودَّ به وجوههم، وتُظلِم، كقوله تعالى في عذابهم يوم القيامة: ﴿ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم﴾ [الدخان: ٤٨، ٤٩]..


الصفحة التالية
Icon