ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا لو قلت: فلان عنده سيف أمضى من العصا تبين أن السيف هذا رديء، وليس بشيء؛ فربما نفرد هذا القسم الثالث، وربما ندخله في القسم الأول؛ على كل حال التسبيح ينبغي لنا. عندما نقول: "سبحان الله"، أو: "أسبح الله"، أو ما أشبه ذلك. أن نستحضر هذه المعاني..
قوله تعالى: و﴿ بحمدك ﴾: قال العلماء: الباء هنا للمصاحبة. أي تسبيحاً مصحوباً بالحمد مقروناً به؛ فتكون الجملة متضمنة لتنزيه الله عن النقص، وإثبات الكمال لله بالحمد؛ لأن الحمد: وصف المحمود بالكمال محبة، وتعظيماً؛ فإن وصفتَ مرة أخرى بكمال فسَمِّه ثناءً؛ والدليل على هذا ما جاء في الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: "قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين؛ فإذ قال: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ قال تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: ﴿الرحمن الرحيم﴾ قال تعالى: أثنى عليّ عبدي" ؛ لأن نفي النقص يكون قبل إثبات الكمال من أجل أن يَرِد الكمال على محل خالٍ من النقص..
قوله تعالى: ﴿ ونقدس ﴾: "التقديس" معناه التطهير؛ وهو أمر زائد على "التنْزيه"؛ لأن "التنزيه" تبرئة، وتخلية؛ و"التطهير" أمر زائد؛ ولهذا نقول في دعاء الاستفتاح: "اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب؛ اللهم نقني من خطاياي كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس؛ اللهم اغسلني من خطاياي بالماء، والثلج، والبَرد" : فالأول: طلبُ المباعدة؛ والثاني: طلب التنقية. يعني: التخلية بعد المباعدة؛ والثالث: طلب الغسل بعد التنقية حتى يزول الأثر بالكلية؛ فيجمع الإنسان بين تنْزيه الله عزّ وجلّ عن كل عيب ونقص، وتطهيره. أنه لا أثر إطلاقاً لما يمكن أن يعلق بالذهن من نقص..
قوله تعالى: ﴿ لك ﴾ اللام هنا للاختصاص؛ فتفيد الإخلاص؛ وهي أيضاً للاستحقاق؛ لأن الله. جلّ وعلا. أهل لأن يقدس..


الصفحة التالية
Icon