فإن قال قائل: "إنْ" في قوله تعالى: ﴿ فإما ﴾ لا تدل على الوقوع؛ لأنها ليست كـ "إذا" ؟ قلنا: نعم، هي لا تدل على الوقوع، لكنها لا تنافيه؛ والواقع يدل على الوقوع. أنه ما من أمة إلا خلا فيها نذير؛ وممكن أن نقول: في هذه الصيغة. ﴿ فإما يأتينكم ﴾. ما يدل على الوقوع؛ وهو توكيد الفعل..
ويتفرع على هذه الفائدة: أنك لا تسأل الهدى إلا من الله عزّ وجلّ؛ لأنه هو الذي يأتي به..
. ٦ ومن فوائد الآية: أن من اتبع هدى الله فإنه آمن من بين يديه، ومن خلفه؛ لقوله تعالى:
( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
. ٧ ومنها: أنه لا يتعبد لله إلا بما شرع؛ لقوله تعالى: (فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )
. ٨ ومنها: أن من تعبد لله بغير ما شرع فهو على غير هدى؛ فيكون ضالاً كما شهدت بذلك السنة؛ فقد كان النبي ﷺ في خطبة الجمعة يقول: "وشر الأمور محدثاتها؛ وكل محدثة بدعة؛ وكل بدعة ضلالة(١).
القرآن
)وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة: ٣٩)
التفسير:
.﴿ ٣٩ ﴾ قوله تعالى: ﴿ الذين كفروا ﴾ مبتدأ؛ وجملة: ﴿ أولئك أصحاب النار ﴾ خبر المبتدأ؛ وجملة: ﴿ هم فيها خالدون ﴾ في موضع نصب على الحال. يعني حال كونهم خالدين. ويجوز أن تكون استئنافية لبيان مآلهم..
قوله تعالى: ﴿ الذين كفروا ﴾ أي بالأمر؛ ﴿ وكذبوا ﴾ أي بالخبر؛ فعندهم جحود، واستكبار؛ وهذان هما الأساسان للكفر؛ لأن الكفر يدور على شيئين: إما استكبار؛ وإما جحود؛ فكفر إبليس: كفر استكبار؛ لأنه مقر بالله، لكنه استكبر؛ وكفر فرعون، وقومه: كفر جحود؛ لقوله تعالى: ﴿ وجحدوا بها ﴾: فهم في ألسنتهم مكذبون، لكنهم في نفوسهم مصدقون؛ لقوله تعالى: ﴿ واستيقنتها أنفسهم ﴾ [النمل: ١٤]..