كما قال الله لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾. [الشورى: ٥٢]. أما هداية التوفيق فهي إلى الله لا أحد يستطيع أن يوفق شخصاً إلى الخير كما قال الله تعالى: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ [القصص: ٥٦]. وإذا نظرنا إلى هذه الاية الكريمة ﴿إن علينا للهدى﴾ وجدنا أن الله تعالى بين كل شيء. بين ما يلزم الناس في العقيدة، وما يلزمهم في العبادة، وما يلزمهم في الأخلاق، وما يلزمهم في المعاملات، وما يجب عليهم اجتنابه في هذا كله. حتى قال أبو ذر رضي الله عنه: لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً. وقال رجل من المشركين لسلمان الفارسي: علمكم نبيكم حتى الخراءة، قال: أجل علمنا حتى الخراءة. يعني: حتى آداب قضاء الحاجة علمها النبي صلى الله عليه وسلّم أمته، ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً﴾.[المائدة: ٣]. ﴿وإن لنا للاخرة والأولى﴾ يعني: لنا الاخرة والأولى. الأولى متقدمة على الاخرة في الزمن، لكنه في هذه الاية أخرها لفائدتين:
الفائدة الأولى: معنوية.
الفائدة الثانية: لفظية.
أما المعنوية فلأن الاخرة أهم من الدنيا، ولأن الاخرة يظهر فيها ملك الله تعالى تماماً. في الدنيا هناك رؤساء، وهناك ملوك، وهناك أمراء يملكون ما أعطاهم الله عز وجل من الملك، لكن في الاخرة لا ملك لأحد ﴿لمن الملك اليوم لله الواحد القهار﴾ [غافر: ١٦]. فلهذا قدم ذكر الاخرة من أجل هذه الفائدة المعنوية.
أما الفائدة اللفظية: فهي مراعاة الفواصل يعني: أواخر الايات كلها آخرها ألف.
فإن قيل: إن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿إن علينا للهدى وإن لنا للاخرة والأولى﴾ فما الفرق؟


الصفحة التالية
Icon