أما الثالث: الذي عاند وعارض فهو أبو لهب. أنزل الله فيه سورة كاملة تُتلى في الصلوات فرضها ونفلها، في السر والعلن، يُثاب المرء على تلاوتها، على كل حرف عشر حسنات. يقول الله عز وجل: ﴿تبت يدا أبي لهب وتب﴾ وهذا رد على أبي لهب حين جمعهم النبي صلى الله عليه وسلّم ليدعوهم إلى الله فبشر وأنذر، قال أبو لهب: تبًّا لك ألهذا جمعتنا، قوله: «ألهذا جمعتنا» إشارة للتحقير، يعني هذا أمر حقير ما يحتاج أن يُجمع له زعماء قريش وهذا كقوله: ﴿أهذا الذي يذكر آلهتكم﴾ [الأنبياء: ٣٦]. والمعنى تحقيره، فليس بشيء ولا يهتم به كما قالوا: ﴿وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم﴾ [الزخرف: ٣١]. فالحاصل أن أبا لهب قال: تبًّا لك ألهذا جمعتنا، فرد الله عليه بهذه السورة: ﴿تبت يدا أبي لهب وتب﴾ والتباب الخسار. كما قال تعالى: ﴿وما كيد فرعون إلا في تباب﴾ [غافر: ٣٧]. أي: خسار. وبدأ بيديه قبل ذاته؛ لأن اليدين هما آلتا العمل والحركة، والأخذ والعطاء وما أشبه ذلك. وهذا اللقب أبو لهب، لقب مناسب تماماً لحاله ومآله، وجه المناسبة أن هذا الرجل سوف يكون في نار تلظى، تتلظى لهباً عظيماً مطابقة لحاله ومآله. يقول الشاعر:
قل إن أبصرت عيناك ذا لقب إلا ومعناه إن فكرت في لقبه


الصفحة التالية
Icon