عظيماً موقراً معظماً محترماً، ويفوت الإنسان من التقوى بقدر ما خالف فيه أمر الله تعالى ورسوله ﷺ، فإذا رأينا مثلاً إنساناً يتقدم إلى المسجد ويصلي مع الجماعة ويخشع في صلاته، ويؤديها بكل طمأنينة، وآخر بالعكس يصلي في بيته ويقتصر فيها على الواجب، فالأول أتقى، إذن فهو أكرم عند الله حتى لو كان مولى من الموالي، والآخر من أرفع الناس نسباً، فإن الأتقى لله هو الأكرم عند الله - عز وجل - وكل إنسان يحب أن يحظى عند السلطان في الدنيا، ويكون أقرب الناس إليه، فكيف لا نحب أن نكون أقرب الناس إلى الله، وأكرمهم عنده؟! المسألة هوى وشيطان، وإلا لكان الأمر واضحاً، فعليك بتقوى الله - عز وجل - لتنال الكرم عند الله، ﴿إن الله عليم خبير ﴾ بكل شيء، لأنه هنا مطلق، ولم يقيد بحال من الأحوال، ﴿خبير ﴾ الخبرة هي العلم ببواطن الأمور، والعلم بالظواهر لا شك أنه صفة مدح وكمال، لكن العلم بالبواطن أبلغ، فيكون عليم بالظواهر، وخبير بالبواطن، فإذا اجتمع العلم والخبرة صار هذا أبلغ في الإحاطة، وقد يقال إن الخبرة لها معنى زائد عن العلم، لأن الخبير عند الناس هو العليم بالشيء الحاذق فيه، بخلاف الإنسان الذي عنده علم فقط، ولكن ليس عنده حذق، فإنه لا يسمى خبيراً، فعلى هذا يكون الخبير متضمناً لمعنى زائد على العلم، ثم قال الله تعالى: ﴿قالت الأَعراب آمنا ﴾ الأعراب اسم جمع لأعرابي، والأعرابي هو ساكن البادية كالبدوي تماماً، فالأعراب افتخروا، فقالوا: آمنا آمنا، افتخروا بإيمانهم، فقال الله - عز وجل -: ﴿قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ﴾ قيل: إن هؤلاء من المنافقين، لقول الله تعالى: ﴿وممن حولكم من الأَعراب منافقون ﴾ والمنافق مسلم، ولكنه ليس بمؤمن، لأنه مستثنى في الظاهر، إذ إن حال المنافق أنه كالمسلمين، ولهذا لم يقتلهم النبي عليه الصلاة والسلام، مع علمه بنفاقهم مع أنهم مسلمون ظاهراً لا


الصفحة التالية
Icon