المعنيين، فهو متلو وهو مجموع أيضاً، ﴿المجيد ﴾ أي ذي المجد، وهو العظمة والسلطان المطلق، فالقرآن له عظمة عظيمة، مهيمن مسيطر على جميع الكتب السابقة، حاكم عليها، ليس محكوماً عليه، وهو أيضاً مجيد، به يمجد ويعلو ويظهر من تمسك به، وهذا كقوله تعالى: ﴿بل هو قرءان مجيد في لوح محفوظ ﴾ ().
﴿ بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ﴾ هنا لا يتراءى للإنسان التالي جواب القسم، فاختلف العلماء - رحمهم الله - في مثل ذلك: هل له جواب، أو جوابه يعرف من السياق، أو يعرف من المقسم به؟ وأظهر ما يكون أن نقول: إن مثل هذا التركيب لا يحتاج إلى جواب القسم، لأنه معروف من عظمة المقسم عليه، فكأنه أقسم بالقرآن على صحة القرآن، فالقرآن المجيد لكونه مجيداً كان دليلاً على الحق، وأنه منزل من عند الله - عز وجل - وحينئذ لا يحتاج القسم إلى جواب؛ لأن الجواب في ضمن القسم: ﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب ﴾ عجبوا: الواو تعود على المكذبين للرسول - عليه الصلاة والسلام - الذين كذبوا رسالته، وكذبوا بالقرآن، وكذبوا بالبعث، وكذبوا باليوم الآخر، ولهذا ﴿عجبوا أن جاءهم منذر منهم ﴾ عجبوا عجب استغراب واستنكار، وإنما قلنا ذلك لأن العجب تارة يُراد به الاستنكار والتكذيب، وتارة يراد به الاستحسان، فقول عائشة - رضي الله عنها -: «كان الرسول ﷺ يعجبه التيمن في تنعله، وترجله، وطهوره، وفي شأنه كله» (). والمراد بالعجب هنا الاستحسان، وقوله هنا: ﴿بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ﴾ المراد به الاستنكار والتكذيب، ﴿أن جاءهم منذر منهم ﴾ أي: ليس بعيداً عنهم بل هو منهم نسباً وحسباً ومسكناً، يعرفونه، ومع ذلك قالوا هذا شيء عجيب ﴿أءذا متنا وكنا تراباً ذلك رجع بعيد ﴾ لما جاءهم محمد رسول الله ﷺ أخبرهم بأن الله سوف يبعثهم، وسوف يجازيهم، ويحاسبهم تعجبوا كيف هذا؟ أيحيى الإنسان بعد أن كان