الأمطار، وأن السحب تحمل الأمطار، فتنزل إلى الأرض، فيكون الرزق للمواشي والآدميين، والجاريات أي السفن، هي أيضاً تحمل الأرزاق من جهة إلى جهة، فلا يمكن أن تصل الأرزاق من جهة إلى جهة أخرى بينها وبينها بحر إلا عن طريق السفن.
﴿فالمقسمات أمراً ﴾ وهم الملائكة، وجمعهم لأنه يجوز جمع المؤنث باعتبار الجماعات، أي: فالجماعات المقسمات ﴿أمراً ﴾ التي تقسم الأمر، أي: شئون الخلق، ويحتمل أن يكون ﴿أمراً ﴾ أي: بأمر الله، والمعنى صحيح على كلا التقديرين، فإن الملائكة عليهم الصلاة والسلام يقسمون ما يريد الله - عز وجل - من أرزاق الخلق وغيرها بأمر الله - عز وجل - هذه أربع جمل: الذاريات، الحاملات، الجاريات، المقسمات، كل هذه مقسم بها، والمقسم عليه: ﴿إنما توعدون لصادق ﴾ يعني ما وعدكم الله تعالى فهو وعد صادق، والصادق هو المطابق للواقع، وذلك لأن الخبر نوعان: نوع يخالف الواقع، وهذا يسمى كذباً، ونوع يطابق الواقع، وهذا يسمى صدقاً، سواء كان المخبر عنه ماضٍ أو مستقبلاً، فأقسم الله - عز وجل - بهذه المخلوقات على إنما نوعد صادق. فلابد أن يقع إذا وقع ما نوعد، وهوالبعث يوم القيامة يتلوه الجزاء، ولهذا قال: ﴿وإن الدين لواقع ﴾ الدين يعني الجزاء، والدين يطلق أحياناً بمعنى الجزاء، وأحياناً بمعنى العمل، ففي قوله تعالى: ﴿لكم دينكم ولى دين ﴾ المراد به العمل، وفي قوله تبارك وتعالى: ﴿مالك يوم الدين ﴾ المراد به الجزاء، وهنا ﴿وإن الدين لواقع ﴾ أي الجزاء لابد أن يقع، لأن الله على كل شيء قدير. وقد قال الله تعالى: ﴿يوم تشقق الأَرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير ﴾
﴿والسماء ذات الحبك ﴾ السماء معروفة، ذات: بمعنى صاحبة ﴿الحبك ﴾ يعني الطرق، أي: أنها من حسنها كأنها ذات طرق محبوكة متقنة، كما يكون ذلك في جبال الرمل، يضربها الهواء فتكون مضلعة، إذن السماء كذلك ﴿إنكم لفي قول مختلف ﴾ ﴿إنكم ﴾ الخطاب للكافرين ﴿لفي قول مختلف ﴾ يعني يختلف بعضه


الصفحة التالية
Icon