عن بعض، فبعض الكفار قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: إنه مجنون، وبعضهم قالوا: إنه ساحر، وبعضهم قالوا: إنه كاهن، وبعضهم قالوا: إنه شاعر، وبعضهم قالوا: إنه كذاب، فهم مختلفون في النبي ﷺ، واختلاف الأقوال يدل على كذبها وفسادها، وكلما رأيت قولاً مختلفاً متناقضاً فاعلم أنه باطل وليس بصحيح؛ لأن الحق لا يمكن أن يتناقض، فهؤلاء المكذبون للرسول عليه الصلاة والسلام اختلفوا هذا الاختلاف ﴿يؤفك عنه من أفك ﴾ بمعنى يصرف ﴿عنه ﴾ قيل: إن الضمير يعود على الرسول عليه الصلاة والسلام، أي يصرف عن الرسول ﷺ من صرف من الناس، وقيل: إن الضمير يعود على القوم، وعلى هذا القول: تكون (عن) بمعنى الباء، أي يؤفك بهذا القول من أفك، يصرف بهذا القول عن الحق من صرف، وهما أي المعنيان متلازمان، والأقرب أن الضمير في قوله ﴿عنه ﴾ يعود على القوم؛ لأنه أقرب مذكور ﴿يؤفك عنه ﴾ أي عن هذا القول أي بسببه ﴿من أفك ﴾ أي من صرف عن الحق، وذلك لأن من البيان لسحراً () فإذا جاءك رجل بليغ فصيح، وصار يورد عليك الشبهات والشكوك ألست تنخدع بقوله؟ بلى، فهؤلاء المكذبون للرسول عليه الصلاة والسلام عندهم فصاحة وبلاغة وتمويه ودجل، فيصرفون الناس، وقوله ﴿من أفك ﴾ هل المراد من قدر الله عليه أن يصرف، أو المراد من أفك؟ أي من صرفه هؤلاء المختلفون. هما متلازمان أيضاً، فإن هؤلاء الذين يضلون الناس لا يمكن أن يضلوهم إلا بإذن الله - عز وجل ﴿ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل﴾ فهم الذين يأفكون الناس أي: يصرفونهم فهم السبب، لكن المقدر للصرف هو الله - عز وجل - ولكن اعلم أخي المسلم أنه لا يمكن أن يصرف عن الحق إلا من علم الله منه أنه ليس أهلاً للحق - نسأل الله السلامة - ولهذا قال الله تعالى: ﴿الله أعلم حيث يجعل رسالته ﴾ وكذلك الله أعلم حيث يجعل رسالته في الذين يمتثلونها ويؤمنون بها. ويدل على هذا الذي