آية عن: العقل، ووظائفه، وأوصافه، وأساليبه فى الفهم والاستدلال.. فلماذا أدع هذا كله وأمشى مع أوهام الذين ورثوا من الماضى أسوأ ما فيه وتركوا أعظم ما فيه؟ ص _٠٩٥
غياب المنهج القرآنى يعلل بعضهم الظاهرة : بأن العرب أو المسلمين، ما عرفوا المنهج الاستقرائى، وإنما عرفوا المنهج الاستنتاجى أو الاستنباطى، وهذا المنهج عمل عمله فى الفقه ونموه، لأنه أقرب فى طبيعته إلى القياس الفقهى، ولم يستطع أن يعمل عمله فى آفاق المعرفة الأخرى.. أى أنهم يستدلون من نمو الفقه على أن العرب كانوا عاجزين عن إدراك المنهج الاستقرائى الذى يمكن أن يحقق لهم كسبا فى مجال العلوم الإنسانية، وأن الفقه هو ثمرة للمنهج الاستنباطى أو الاستنتاجى.. أنا أخالف فى هذا، لأنى كما قلت: أجد فقهنا اتسع حيث كان ينبغى أن ينكمش، وانكمش حيث كان ينبغى أن يتسع.. ثم إن منهج الاستقراء والملاحظة والتجربة، منهج قرآنى مائة فى المائة. أما فكرة الاستنتاج كما صورها المنطق الإغريقى فهى الفكرة التى تأثرنا بها للأسف، وقد كتبت فى آخر كتاب لى ألوم المسلمين لوما شديدا: لماذا ترجموا الفلسفة الإغريقية؟ لقد كانوا مخطئين فى هذه الترجمة، وأساءوا إلى كتابهم.. وكتابهم كتاب عالمى، وكان عليهم، بدل أن يستوردوا فكر الآخرين، أن يترجموا الفكر القرآنى إلى لغات الأرض.. كان هذا هو ا لوا جب.. أما ما هى الفلسفة الإغريقية، فكر أرسطو.. وهو فكر فيه منطق.. ومنطق أرسطو منطق موضعى لا يتحرك إلى الأمام، ولا يستكشف مجهولا، لذلك رفضه رجال عصر النهضة فى أوروبا لما تأثروا بالمنطق القرآنى فى الاستنتاج والملاحظة والاستقراء. أما منطق أرسطو فهو منطق ـ كما قيل ـ قد يكون ترتيبا لمعلومات موجودة وليس إيجادا وكشفا لمعلومات جديدة.. لماذا لا نقول: أخطأنا؟ وإذا كان هناك خطأ، فما المانع فى أن نستدركه؟ التعرف على الأخطاء أمر طيب.. لكن المطلوب: تحديد الأسباب التى أوصلت إلى تلك الأخطاء حتى