التدرج في العودة إلى الأحكام القرآنية إن قضية النسخ وتعطيل بعض الأحكام وتقطيع الرؤية الشاملة، وما إلى ذلك، تقودنا إلى قضية أخرى وهى: قضية التدرج، أو ما يمكن أن نسميه: سنة التدرج. والذى نقرأه عند علمائنا فى ذلك هو: الاقتصار على بحث التدرج فى التشريع ويأتون لذلك بمثال عن تحريم الخمر.. وتغيب سنة التدرج فى: العقيدة، والعبادة، والدعوة، وتهمل كل المعانى التربوية لسنة التدرج. والقضية المطروحة: أن الأحكام الفقهية إنما جاءت جوابا وعلاجا لمشكلات وحالات كان عليها الناس قبل أن يتهيأوا للانتقال إلى المرحلة التالية.. فهل بالإمكان أن تعمل هذه الآيات وتلك الحلول لمواجهة الحالات المماثلة، على الرغم من استقرار الحكم النهائى؟ بمعنى آخر: الحكم المرحلى، كان بالنسبة للصحابى يشكل حكما نهائيا للمرحلة التى كان فيها ضمن المرحلة ذاتها حتى يهيأ للمرحلة التالية.. أما نحن فنرى الحكم النهائى حيث استقر المجتمع المسلم الأول، فهل يمكن لنا أن نستخدم الحكم المرحلى: تربويا ودعويا مع استصحابنا وإيماننا بضرورة الوصول إلى الحكم النهائى فى نهاية المطاف؟ أم لابد من تقرير الحكم النهائى، ولو كانت الحالة تقتضى حكما مرحليا؟ وهل يمكن للمجتمع والفرد الذى ينسلخ عن الإسلام لفترات طويلة أن يعود فجأة؟ وهل يمكن أن نخاطب بالإسلام مجتمعات غير إسلامية أصلا بالحكم النهائى، دون تمريرها بمراحل التهيؤ؟ وهل لنا أن نطرح اليوم إمكانية التدرج فى التطبيق والتنزيل على الواقع، حيث إننا لا نمتلك التدرج فى التشريع؟ فى الدعوة إلى الله أنا مضطر أن أنظر مواقف الخصوم الذين يواجهوننى بمعتقداتهم المضادة لى. أنا لاحظت أن الكنيسة وهى ضد تعدد الزوجات، تسامحت فى هذا الموضوع وهى تعرض المسيحية على زنوج أفريقيا، ورأت بأن حكمها بعدم التعدد يمكن أن يتحقق بعد جيل أو جيلين، وتتغاضى الآن عن الجيل القائم بحيث إنها تستدرجهم للمسيحية، ثم تبدأ تعلمهم المسيحية