فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينه وبين الله حجاب". ص _١٠٠
نحن كمسلمين الآن، نتعامل مع مجتمعات ليست إسلامية، ليس مجتمعنا اليوم هو المجتمع الأول حيث استقر الحكم النهائى الذى نزل فيه القرآن.. القرآن كتاب جاء ليخاطب البشرية كلها.. فى ذهننا اليوم، قائم، الحكم النهائى الذى يجب أن نصل إليه فى نهاية المطاف، ولا يجوز أن نعدل عنه لأننا لا نملك أن نعدل عنه، فليس الأمر موضع خيار بالنسبة لنا.. الخمر حرام، والله سبحانه وتعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) عملية الاجتناب بكل ما تحمل من أبعاد.. لكن وأنا أستصحب ضرورة الوصول إلى الحكم النهائى ـ ولا يغيب عن بالى أبدا ـ ماذا أصنع بالناس فى بيئة أخرى وأريد أن أخاطبهم؟ هل أقبل بعض الحلول منهم ولا أواجههم بالحل النهائى حتى أهيئهم لذلك؟ مثلا: فكرة الكلام عن أضرار الخمر: لا أوجه العملية بالصد بينى وبينهم فى عملية الإنكار حتى إنى أغلق منافذ الدعوة بأن: هذا حرام واجتنابه كذا.. ولكن، أهيئهم لينتهوا إلى هذا.. العملية قد تكون تأجيل لبعض الأحكام لأن الحالة الواقعية تستدعى ذلك.. يكفى أن أعمل غرامات وشيئا من الإهانة، ولا أغير الحكم: حكم الحلال والحرام، وإنما أجتهد فى عقوبة الشارب.. لابد من الجزم بأن الخمر رذيلة وأن شربها مبعد عن طبيعة الإسلام وطبيعة الطاعة لله. لكن فى معاملتى للشاربين، لازم أن أكون هينا لينا، فلا أقسو.. أتدرج هنا فى تطبيق الأحكام كما تدرجت فى الأول، لأن الحكم فى الأول لم يكن فيه ضرب كثير.. كان الضرب بثوبه.. أما ثمانون جلدة، فكان نتيجة لاجتماع مجلس فيه الإمام على وعدد من الصحابة رضوان الله عليهم.. أنا ممكن أن أمشى فى العقوبات هنا بالطريقة التى مشى بها الأولون: أخوف أولا. وأشدد أخيرا. الاختلاف... هل يعني تفريق الدين القرآن رسم المسارات العامة


الصفحة التالية
Icon