مقدمة بقلم الأستاذ/ عمرعبيد حسنة الحمد لله الذى خلق الإنسان، علمه البيان، وأنزل القرآن، ويسره للذكر، واستنفر لذلك العقل وجعله مناط التكليف، وأداة النظر والتدبر: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)، ونعى على الذين يعطلون عقولهم، ويغلقون نوافذ المعرفة: (ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون)، كما نعى على الذين لا يتدبرون القرآن ويكتفون منه بالقراءة التى لا تتجاوز تراقيهم إلى قلوبهم وعقولهم: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها). وصلى الله على محمد النبى الخاتم، الذى انتهت إليه أصول الرسالات السماوية جميعا، وتجمعت لرسالته تجربة النبوة من لدن آدم عليه السلام، فحمل القرآن بين دفتيه الشهود التاريخى، بما قص من أخبار الأمم السابقة، والشهود الحضارى بما تجسد من سيرة الرسول ﷺ، وتمثل فى خير القرون، والشهود المستقبلى بما أصل من قواعد، ووضع من معالم، وكلف من نظر وتدبر فى سنن الله فى الأنفس والآفاق التى هى السبيل للتمكين فى الأرض، والقيام بالشهادة على الناس، والقيادة لهم: (ولتعلمن نبأه بعد حين). وبعد: فواقع معظم المسلمين اليوم مع القرآن مؤرق، وعلاقتهم به يحكمها الهجر والعقوق إلى درجة نخشى معها أن نقول: إن علل الأمم السابقة التى حذر منها القرآن، ونبه إليها الرسول ﷺ، تسربت إلى العقل المسلم: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)، أى: لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة وترتيلا. ص _٠١٢


الصفحة التالية
Icon