هل اختلاف وجهات النظر الاجتهادية يعنى تفريق الدين؟ الاجتهاد: تنزيل نص على حادثة معينة.. ومن المجازفة أن يقال عن هذا التنزيل: هذا رأى الإسلام، أو الحل الإسلامى، أو ما إلى ذلك.. وأتصور أنه يمكن أن ينتج عن ذلك معارك واتهامات لا نهاية لها بسبب تنوع العقول، وتعدد الاجتهادات والآراء، واختلاف الناس فى تنزيل النص على الحوادث.. فلو اعتبرنا الرأى أو الاجتهاد، فى فهم القرآن أو الحديث، دينا له قدسية الدين، والخروج عليه إثم كإثم الخروج على النص الشرعى نفسه، وما إلى ذلك، فهذه قضية ستمزق الأمة، وستوقعها بنتائج نلمح بعض آثارها هذه الأيام. نريد مناقشة هذه القضية الهامة، والإتيان ـ إن أمكن ـ بنماذج للاستشهاد حتى لا يفسر بعض الناس من أصحاب العقول الكليلة، النصوص الواردة فى النعى على الذين يفرقون دينهم بأنه يعنى: بعض الاجتهادات، أو يحكم على بعض الاجتهادات بأنها لون من التفريق للدين، وأن الاجتهاد هو سبب افتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين شعبة، وما إلى ذلك؟ إن أئمتنا عندما اختلفوا، ما زعم أحدهم أنه أصاب الحق الذى يريده الله تعالى.. بل كل منهم قال: رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب. وبقى الخلاف، وبقى الود.. وبقى التواضع فى أنى أبذل جهدى لمعرفة مراد الله.. ولذلك، وفى عبادة كالصلاة، يرى فيها أبو حنيفة أن قراءة المأموم للفاتحة حرام، ويرى الشافعى أنها واجبة، ومع هذا فإن الشافعى وأبا حنيفة من أئمة المسلمين، ويسأل الشافعى عن أبى حنيفة فيقول: الناس عيال فى الفقه على أبى حنيفة.. ومن زعم أن رأيه هو الدين وأن غيره ليس بدين، فهو كاذب.. ويشاع هذا الآن بين بعض أتباع المذاهب المتنطعين الذين لا يعرفون المذاهب، فهو يرى الرأى تبعا لفكر اجتهادى لصاحب مذهبه، ثم يلغى جميع المذاهب الأخرى ويرى أنها حرام.. هذا باطل.. وقد شاع بين الجهال والمتنطعين، وأفسد الأمة الإسلامية.. اخترت هنا أمرا من الأمور العبادية