كمثل ـ والأمور العبادية لها طبيعتها ـ فكيف بالأمور غير العبادية؟ كيف بالأمور التى هى بطبيعتها محتاجة ومحتملة لأن نختلف ص _١٠٩
فيها ؟ الإسلام لم يضع صورة معينة محددة لبعض القضايا كشئون الشورى، والجهاد، والعدالة، والتعليم، وما إلى ذلك.. كل هذه الأمور وردت فى القرآن كقيم، وتركت صور التطبيق ووسائله إلى الاجتهاد.. وهذا ما جعل أبا بكر مثلا يقول : أستخلف واحدا.. وعمر يقول: أستخلف ستة يختارون من بينهم.. الرسول عليه الصلاة والسلام.. لم يستخلف أحدا.. وأخذ من هذا : أن مسألة اختيار الحاكم ليس لها نص معين، وليس هناك واحد يستطيع أن يقول : أنا أولى بالحق من غيرى.. فكل منهم له سابقة يمكن الاستشهاد بها والاعتماد عليها.. إن الذين يحددون خطا فى الحياة من اجتهاد أحدهم أو بعض الناس، ليس لهم أن يقولوا: هذا الخط هو من عند الله وإن من عصى هذا الخط فقد عصى الله، هذا كله نوع من الباطل. يبقى: لابد أن نعرض لمفهوم الآيتين اللتين وردتا فى الإخبار عن تفريق الدين، والآثار المدمرة لذلك :(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين * من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) ما هى أبعاد هذا التفريق المنهى عنه؟ وأعتقد أن القضية ليست فى الإطار ولا الصورة التى يستخدمها بعض المسلمين اليوم.. التفريق المنهى عنه إنما سيكون فى أمرين الأمر الأول: خلاف جذرى فى العقائد وما وراء المادة والمغيبات، لأن الكلام فيها ليس له سند عقلى عند الناس، ولكنه تطاحن على فهم بدا لصاحبه.. كما يتحدث بعض الناس فى الأمور التى نعتبرها ص _١١٠