هم يحزنون) ص _١١٦
فهذا كله فى البرزخ.. وكل أحاديث عذاب القبر وثوابه لا تفيد عقيدة بذاتها ولكنها أفادت بعد أن مهد القرآن لها بحوالى خمس آيات قرآنية.. ولو فرضنا أن هناك من قال: إن ربنا لا ينزل إلى السماء الدنيا، بل يتجلى، فهذه ليست عقيدة، ولكنه يكشف معنى عبارة وردت فى حديث آحاد.. ولا يمكن أن نعتبر هذا عقيدة.. نزول الله ليس عقيدة.. هناك أشياء كثيرة وسنن فى الآحاد ولكنها تفسير أو لبنات فى البناء الإسلامى تؤخذ فى حدودها. وهذا ما مشى عليه المسلمون. فما خالف اليقين من أحاديث الآحاد، مرفوض.. ولذلك، القراءات الشاذة بزعم أنها جاءت بأحاديث صحيحة، لكنها مرفوضة لأنها خالفت المتواتر الذى يفيد علم اليقين. فالقول بأن أحاديث الآحاد تبنى العقائد وتفيد اليقين، قول غير صحيح، وما يقوله بعضهم فى هذا مرفوض. ولا يمكن بناء عقيدة على أحاديث الآحاد، خاصة وأن العقائد قد تكفل بها القرآن، وليست ـ عندنا ـ من صنع المجامع، كما هى فى المسيحية، ولا من صنع مرويات أحادية إطلاقا.. وكما أسلفت، فإنه يمكن أخذ أحاديث الآحاد فى العقائد، شارحة أو مبينة لما تواتر فى الكتاب والسنة. نريد هنا أن نؤكد على قضية وردت فيما سبق، لكن فى مساحة صغيرة.. فقد نرى فى بعض المصطلحات التى يعتمدها أو يستخدمها المجتهدون والمفكرون اليوم، بعض المجازفات الموهمة أن الاجتهاد هو الدين المعصوم.. فالمجتهد أو المفكر عندما يحاول أن ينزل نصا على حادثة فى عصر معين يقول: رأى الإسلام كذا.. حينما يريد أن ينظر لإعطاء حل أو وجهة نظره فى قضية مطروحة يقول لك: الحل الإسلامى لها كذا.. وأعتقد أن هذا لون من المجازفة التى قد تحمل نتائج سلبية إضافة إلى كونها اجتهادا فى فهم قد يعارضه اجتهاد آخر.. فهل يجوز أن نعطى الاجتهاد قدسية الدين؟ إذا كان هناك من يقول: رأى الإسلام، فإذا كان يقصد بالرأى: اجتهادا من الاجتهادات، يبقى رأيا من الآراء الإسلامية.. والأفضل أن يقول: