نحن نريد أن نعلم الناس الإسلام كله فإذا كان الإسلام سبعين شعبة أو يزيد، فلنبدأ بالأهم فالمهم، ونأخذ الناس بطريق التدرج كما فعل القرآن وهو يعرض تعاليمه على الناس.. والتدرج سنة قرآنية، لها أبعاد تربوية لابد من إدراكها حتى يمكن تبليغ دعوة وإقامة حضارة.. إن تحريم الخمر جاء بعد غزوة أحد بسنتين تقريبا، أى أن ناسا ممن قتلوا فى أحد، ماتوا وفى بطونهم خمور، وهم شهداء.. ما نقص هذا من إيمانهم ولا أضاع ثوابهم عند الله.. المهم أن الإسلام عندما عرض أخذوا بجملة ما عرض منه.. ما بقى لم يكلفوا به لأنه لم يطلب منهم. نحن الآن نعرض الإسلام متدرجين فى التطبيق.. وأعتقد أن العرض فى الجبهة الشرقية غير العرض فى الجبهة الغربية.. وأن الكلام عن الإسلام بين الهنود غير الكلام عن الإسلام بين الزنوج، غير الكلام عن الإسلام بين عرب يتبعون إحدى الجبهتين.. وهكذا. فلابد من أن أعطى الإسلام على مراحل بحيث أنى سأصل إلى الإسلام كله حتما، ولكن بالطريقة التى أقر بها الإسلام فى القلوب والمجتمعات.. وهذا ما يمكن أن أسميه سنة التدرج. يمكن أن نستعير هنا ما عرَّف به العرب البلاغة من أنها: مطابقة الكلام لمقتضى الحال. فنرى إنه لابد من دراسة أحوال المستفيدين من الخطاب، وعمرهم الحضارى، وعقلهم، والمشكلات التى يعانون منها، ثم بالتالى التفكير بما يعرض عليهم، مع احتفاظ الداعى بالرؤية الشاملة للإسلام التى يجب أن ننتهى بالناس إليها.. وقد يكون المطروح: التدرج فى التطبيق، أما التشريع فأمره استقر عند الحكم النهائى بعد أن أكمل الدين.. هل يمكن أن نعرض لبعض الآيات فى مجال التدرج، غير آية الخمر الشهيرة؟ وكيف يمكن التعامل معها من خلال واقعنا المعاصر؟ الربا نفسه، لم يتم تحريمه إلا فى حجة الوداع تقريبا " لأن آيات البقرة من آخر ما نزل من القرآن الكريم، والحق بموضوع الربا موضوع الزكاة فى سورة البقرة.. وكان أول ما نزل فى سورة الروم: (وما آتيتم


الصفحة التالية
Icon