إنها الأمية العقلية التى نعيشها اليوم مع القرآن، والتى تعنى ذهاب العلم على الرغم من تقدم فنون الطباعة، ووسائل النشر، وتقنيات التسجيل.. ولعل فيما يذكره ابن كثير رحمه الله عند تفسير الآية الثالثة والستين فى سورة المائدة، فى الجدال الذى وقع بين الرسول ـ ﷺ ـ وصاحبه زياد بن لبيد، مؤشرا دقيقا على الأمية العقلية التى صرنا إليها مع كتاب الله. فعن الإمام أحمد رحمه الله، قال: ذكر النبى ـ ﷺ ـ شيئا فقال: "وذاك عند ذهاب العلم "، قلنا: يا رسول الله، كيف يذهب العلم ونحن قرأنا القرآن ونقرئه أبناءنا، وأبناؤنا يقرئون أبناءهم؟ فقال: "ثكلتك أمك يا بن لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل فى المدينة، أو ليس هذه اليهود والنصارى بأيديهم التوراة والإنجيل ولا ينتفعون مما فيهما بشىء؟ ". وقد تكون مشكلة المسلمين كلها اليوم فى منهج الفهم الموصل إلى التدبر وكسر الأقفال من على العقول والقلوب، وتجديد الاستجابة، وتجديد وسيلتها، ليكونوا فى مستوى القرآن، ومستوى العصر، ويحققوا الشهود الحضارى، ويتخلصوا من ص _٠١٤