هذا فجأة ودفعة واحدة.. لكنه سبحانه، كما خلق الكون على عدة أيام، جعل التدرج هنا فى أزمنة.. ولأمر ما كان الأستاذ حسن البنا رحمه الله، يقول لنا : الزمن جزء من العلاج.. والزمن هو فى الحقيقة بعد رابع من الطول والعرض والعمق. ولابد منه لاستكمال الصورة.. ولقد رأيت الأستاذ ألكسيس كاريل، فى كتابه " الإنسان ذلك المجهول " ـ وهو طبيب ـ يعتمد على نظرية أينشتاين فى علاجاته وفى وصفه لوظائف جسم الإنسان، كأن الزمن حقيقة حسية مع الطول والعرض والعمق. يلمح الإنسان من الآيات التى تحدد لكل شىء أجلا معلوما، أن الآجال أمر آخر غير الأقدار.. فالأقدار قد تكون أقرب إلى النوع والصفة، والآجال قد تكون أقرب إلى الشروط والعمر الزمنى المطلوب لإنضاج الفكرة بعد مراحل تربوية متتابعة.. كما يمكن أن نلمح أيضا من سنة الأجل: ضرورة وضع الوقت المحدد كعنصر وقيمة لابد منه فى العمل حتى لا تبقى الخطة المأمولة سائبة وحتى يكون المسلم خارجا من إطار الزمن كما هو الحال.. الزمان والمكان كلاهما موضع دراسة لعلماء الطبيعة.. وهم حائرون فى تحديد المكان والزمان. وهذا ما يجعلنى سلفيا فى أمر العقائد. لأننا إذا كنا حائرين فى معرفة المادة فكيف بما وراء المادة؟ عيوننا خلقت لترى على مسافة معينة وعلى حجم معين، فإذا نقص الحجم كثيرا، انعدمت الرؤية، وإذا زادت المسافة كثيرا عزَّت الرؤية.. فيبدو أيضا أن بصيرتنا العقلية على هذا النحو، لها طاقة معينة تستطيع أن تدرك بها الأمور، وبعد هذا تتلاشى، ولا تستطيع أن تدرك شيئا. سنة التداول الحضاري بعد أن قص الله سبحانه وتعالى قصة غزوة أحد، وما خضع له المسلمون من سنة كان تجاهلها سببا فى سقوطهم أو فى هزيمتهم قال: (أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير). ص _١٢٥


الصفحة التالية
Icon