رشدهم ويتوبون إلى الله ويقيمون هذه الحضارة؟ ربما.. لا أدرى بدقة ما الذى يقع.. لكن أحيانا أنظر إلى أحاديث جاءت مفردة وغريبة فى بابها، وتؤيدها دراسات بعض العلماء اليوم فهناك عدد من العلماء يقول: سيحصل تغير كونى، وأن بلادا خصبة ستجف، وأن بلادا صحراوية ستعود مروجا وأنهارا.. فهل هى بلاد العرب التى قيل إنها كانت أيام عاد وثمود مليئة بالخير؟ وسمعت أن نجدا كانت مليئة بالزروع والثمار وأنواع الإنتاج الحيوانى ـ خف هذا مع ظهور البترول؟ لا أدرى: لم؟.. على كل حال قد تقع سنة التداول، لكن لا ندرى بالضبط: أين ستنتقل بمنارة الحضارة العالمية ليكون شعب ما هو الشعب الرائد تتبعه بقية الشعوب.. وتلك سنة الله فى الكون. الناس الذين يعتنون بالجانب المادى، تكلموا عن الدورات الحضارية: ظهور الحضارة، ثم ذبولها وانقضائها.. ولو استقرأ الإنسان تاريخ الحضارات، لا يجد أن ما سمى بالدورات الحضارية ينطبق على حال الأمة الإسلامية.. فى سيادة الأمم وإبادتها، ترى أن كثيرا من الحضارات فى التاريخ سادت ثم بادت وانتهت، حتى أصبح لا وجود لها، ولا قيمة عملية لها غير القيمة التاريخية فقط، بينما نجد عملية النهوض والسقوط بالنسبة للأمة الإسلامية ـ إذا استقرأنا التاريخ ـ لم تخضع تماما فى جوانب حياتها كلها لهذه السنة من الدورات الحضارية.. خميرة النهوض موجودة فى القرآن، وأسباب النهوض والسقوط فى القرآن (السنن) هى أشبه ما تكون بمعادلات رياضية، وبمجرد أن أحسن المسلمون التعامل معها، أوجدوا حضارة.. وعندما يتنكرون لها، يكون السقوط.. لذا نرى كل ما جاء على الحضارة من الفساد الداخلى والاستبداد السياسي، وما إلى ذلك، ومن الموجات العارمة الخارجية المبيدة والسنين الطويلة التى عاشتها لإسقاط الحضارة الإسلامية، لكن مع ذلك استعصت الحضارة الإسلامية، ولعل هذا يعطيها لونا من الخصوصية بسبب الوحى، بسبب خلود القرآن ـ كما أسلفنا ـ وإن قابلية النهوض


الصفحة التالية
Icon