منه الأوامر ولا يتلقى الضربات وإنما يتلقاها الجند، والمعارك لا تدور إلا بهذا.. واحد يصدر الأوامر، ص _١٣٢
والثانى ينفذ.. هذه سنن تسخيرية، وهى لا تدل على رضى وسخط من الله بقدر ما تدل على أن الله خلق الناس هكذا.. والمواهب متفاوتة.. مستحيل أن تقوم شبكة العلاقات الاجتماعية بدون هذا التفا وت، وهذه الفوارق الفردية.. هذا صحيح.. وهذا ما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون) فهذا تسخير، وهو سنة كونية، ولا أدرى ما دخلنا نحن فيها؟ أردت جانبا آخر من التسخير: إن الله سبحانه وتعالى حينما سخر لنا البحر والأرض والشمس، لفت نظرنا لأهمية اكتشاف قوانين التسخير الكونية، ولست أقصد الاجتماعية بين الناس، فمعرفتنا لهذه القوانين التى تنتظمها هى التى تمكننا من القدرة على تسخيرها، أى أن التقدم العلمى لا يمكن أن يتحقق إلا بفهم قوانين التسخير.. الله لفت نظرنا إلى قوانين التسخير.. هذا تعبير جديد لحقيقة أخرى: ( خلق لكم ما في الأرض ) فنحن مكلفون بأن نرتفق ما سخره الله لنا. الأوروبيون، الآن، اكتشفوا قوا نين التسخير، فأحسنوا تسخير الأرض والبحر.. الخ. هم طوعوا الأدوات التى أتاحها العلم لهم فى خدمة قضاياهم، وخدمة مبادئهم.. ألا نستطيع أن نقول: بأن هذه القضايا لها قانون؟ المادة لها قانون، والتعامل معها لا يمكن أن يتم ما لم يتعرف الإنسان على هذا القانون، وأن القرآن عندما جعل هذه الأمور الكونية ( مسخرات بأمره ) فكيف نحقق التسخير والعمارة ما لم نكتشف السنن التى تحكمها؟ ممكن.. لكن الخلاف الذى بينى وبينك هنا، هو فى أن "قانون التسخير" عنوان جديد.. لكن المعنى كنا ذكرناه فى أن الإنسان خليفة الله فى أرضه، ولابد أن يستولى على كل شىء مسخر لخدمته.. ص _١٣٣


الصفحة التالية
Icon