الطائرة، مثلا، نشعر وكأننا نمر بجبال، وقد نرى صور السحب أمامنا وكأنها الجبال التى نراها من بعيد على ظهر الأرض على شكل سلاسل فى الصحراء.. وانفراد القرآن بهذا الوصف قبل أن ص _١٣٩
يتمكن أحد من الصعود عشر كيلو مترات فى الجو، ويتعرف على ما فيه، لاشك هذا نوع من الإعجاز. قبل أن يكون هناك تصوير بالأشعة وقبل أن يكون هناك علم تشريح، أمكن معرفة أطوار التخلق البشري ونمو الجنين. والمراحل التى ذكرها القرآن وتفرد بها، ولم تعرف فى كتاب لا دينى ولا مدنى فى الأيام السابقة، وجاء العلم فوثقها وكمَّلها.. هذا، من دون شك، يدل على الإعجاز.. ما هو الإعجاز؟ الإعجاز هو أن يعجز الإنسان عن الإتيان بمثل هذا.. هم عجزوا عن الإتيان بآيات تدانيه.. الخلود يعنى عجز البشر عن الوصول إلى ما وصل إليه القرآن من الإشارة للحقائق والقوانين العلمية وما إلى ذلك، إذا سلمنا بأن هناك شيئا من الإعجاز العلمى.. لكن العلم الآن، وقد وصل إلى ما وصل إليه، أثبت ما وصل إليه، وأصبح ما أثبته القرآن غير معجز لعالم اليوم.. لقد استطاع العلم كشف آفاق تجاوزت ما ورد من إشارات علمية فى القرآن، لأن ما جاء به القرآن كان معجزا فى عصر معين، ولا يمكن أن نحكم بإعجازه إلا من خلال ذلك العصر. أما اليوم، فقد تجاوز العلم تلك الآفاق مما قد يدفعنا إلى القول: بأن هذه الآيات ليست معجزة لعالم اليوم، وأنه كانت معجزة لعالم الأمس.. والقرآن معجزة لها صفة الخلود، فلماذا لا نقول : إن هذا من دلائل النبوة؟ وقد يكون من المفيد، التفريق بين دلائل النبوة والإعجاز.. الإعجاز هو: الأمر الذى لا يستطيع الناس الإتيان بمثله، فهو أمر خارق للعادة يعجز الناس عن الإتيان بمثله فى كل العصور.. كونهم الآن عرفوا تطور الأجنة، ووصلوا إلى ما هو أبعد من ذلك فى هذا الأمر، وكون القرآن ذكر فى فترة ماضية، لم يكن العلم، ولم تكن الوسائل مؤهلة لإعطاء الإنسان هذه المعلومة، فذلك لا يعنى إبطال


الصفحة التالية
Icon