شعره ونثره، بينما امتلأ بها القرآن، بل إنه أكثر ما كلف الناس به: (قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد) القرآن يجعل بناء الإيمان على دراسات كونية، ودراسة إيمانية نفسية، وهو يخالف بهذا الكتب السماوية السابقة التى يكاد يكون مصدر الإيمان فيها الرسول الذى جاء يحدث الناس عن الله.. أما تكليف الناس بأن يرتبوا نتائج على مقدمات بكفرهم، هذا هو الذى فرضه القرآن.. ولذلك، مع التقدم العلمى الجديد الذى صدق وصف القرآن للكون، يجئ التلاقى بين العلم والإيمان. وإذا كان هناك بعض الناس.. يجعل الإيمان من أعمال الوجدان أو القلوب، إلا أن الإيمان هو من آثار العلم ابتداء، ولذلك قوله سبحانه وتعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) لابد من عقل جبار قائم يكشف الحقائق، ويزيح عنها الستار، ويتعرف على ما تلمسه الملائكة بحسها، ونعرفه. نحن بعقولنا.. العقل هنا أساس. عظمة القرآن، من الناحية العلمية، أو ما نسميه الإعجاز العلمى، هى أن الكون هو الوعاء الذى يضم عناصر الإيمان الأساسية، بدأ قديما الأمر بالنظر فيه، وتحول النظر فيه الآن إلى عمل للناس.. إن ما وضع الناس فيه أصابعهم واستيقنوا منه، كان القرآن يصوره قبل هذا اليقين، كأنه فعل ملموس.. وهذه هى عظمة القرآن. ص _١٤٤


الصفحة التالية
Icon