القرآن والكسب العلمى المناخ الذى وضع القرآن الإنسان فيه، هو: النظر والكسب العلمى، وما إلى ذلك مما يمكن أن تكون به عمارة الأرض.. ويقوم الإنسان فى ضوء ذلك بأعباء الأمانة والاستخلاف.. ما هو ـ فى رأيكم ـ السبب فى تحول المسلمين عن المنبهات العلمية، والأوامر بالنظر التى وردت فى القرآن الكريم، إلى لون من التخلف، والجهل بقضايا القرآن، والعدول، وعدم القدرة على العيش بمناخ القرآن، والاستجابة لدعوته، والتخلف فى شعب المعرفة الكثيرة التى يمكن أن يعتبر القرآن مصدرا لها؟ هناك ثلاثة أسباب فى نظرى : لعل السبب الأول ـ منها ـ : يرجع إلى الطبيعة العربية: الطبيعة العربية طبيعة تهوى صناعة الكلام، وكأن صناعة الكلام عند العرب هى الأساس فى التقدم، وكما قال الدكتور راشد: الرياسة كلها، والعظمة كلها، فى السيف والقلم. الآن أصبحت الزخارف الكلامية طبيعة عندنا، وأصبحنا نكتفى بزخارف الكلام وبيانه عن الحقيقة نفسها. فإلى الآن، تجد أن مشروعا يقام، فيكون أول ما يفكر فيه القائمون بأمره: كيف سيكتبون البيان الصحفى الذى يتحدث عن المشروع، وتجد أن البيان شىء، وحقيقة المشروع شئ آخر.. فالاهتمام هنا بالبيان أكثر من المشروع نفسه.. فهذه طبيعة رديئة فى العرب. المشكلة أن مقتضيات الرياسة والشهود الحضارى اليوم: الحصول على القضايا العلمية.. وكان يفترض أن يدفعنا حب الرياسة إلى الحصول أو القبض على مستلزماتها، خاصة وأن العرب هم قاعدة الإسلام البشرية الأولى، وأن القرآن أعاد صياغتهم، فالإمكان قائم لاستئناف الدور. صناعة الكلام تجعل أصحابها يهتمون بالبديع والزخارف أكثر مما يهتمون بالحقائق. والسبب الثانى فى تخلف المسلمين ـ وهذا قد يكون مسيئا لبعضهم ـ : انشغال المسلمين أكثر من المطلوب بالمرويات.. ما صح من السن يمكن أن يكون عدة آلاف. لكن السنن التى انشغل المسلمون بها ولا يزالون، عدة مئات من الألوف.. هذا جمد العقل المسلم، وجعله عقل


الصفحة التالية
Icon