نقول ومرويات أكثر من عقل بحث فى الكون.. ص _١٤٥
سيدنا عمر رضى الله عنه منع الاشتغال بغير القرآن، لكن عصى أمر عمر.. لو انشغل المسلمون بالمتواتر والصحيح فقط، لكان الأمر هينا.. لكن المشكلة أن المرويات كثرت إلى حد بعيد، والمساحة العقلية للبشر محدودة، فإذا أخذت المساحة هذه المرويات، فما بقى للعقل مساحات أخرى يفكر فيها؟ لو اقتصروا على المتواتر وما إلى ذلك مع الصحيح، لا يمكن عقلا أن يعتبر ذلك من معوقات النظر فى الكون، بل لساعد عليه، ونبه إليه.. فالمتواترات تكمل الرحلة، ولا يمكن أن نعتبر النص معوقا للعقل، ومانعا له من التدبر والنظر.. لكن المشكلة قد تكون فى منهج التعامل مع النص، والتوقف عن الآفاق والأ بعاد القريبة.. قد تكون المشكلة التى حدت من انطلاق العقل العلمى، أن هناك مرويات واهيات تصطدم بالعقل العلمى والعقل العملى.. والناس يتهيبون من الإقدام على فحصها واختبارها، وكان من نتيجة ذلك أن العقل المسلم أصبح متخلفا.. الحقيقة، قد يكون من أسباب هذا ما أتينا على ذكره من إلغاء نظرة السببية، ورد الأمور إلى أسبابها، ونسبتها إلى قوة علوية، مع أن الأمر لا يتعارض مع الإيمان كما توهموا، فالله هو الذى خلق الأسباب، وجعلها مقدمات لحصول النتائج والمسببات.. لذلك، فمنهج إلغاء الأسباب، وعدم التعرف عليها، والتعامل معها، أوقع المسلمين فى العطالة والعجز عن الفحص والاختبار، واكتشاف مواطن القصور، واستشعار المسئولية، مع أن الله يقول: (قل هو من عند أنفسكم) فأن تنقلب العقول والمؤسسات الإسلامية إلى معوق للنهوض العلمى ـ كما حدث فى أوروبا فى القرون الوسطى عندما كان العلماء يحاولون كشف السبب لأى نتيجة، كانت تقوم الكنيسة على العالم وتقول: إن النتائج من الله وليست من الأسباب التى تفعلونها.. والقوانين التى تضعونها أنتم تضارعون الله بها، وتتعدون على سلطته ـ فهذا هو الموت العقلى والشلل الفكرى الذى نقضته الرؤية


الصفحة التالية
Icon