أنا رأيت بعض الناس ينصح واحدا من الدعاة الأقوياء ويقول له: يا أخى هون عليك، فسيلقى القبض عليك، وتأخذك الدولة، والذين استمعوا إليك سيذهبون إلى بيوتهم، ليأكلوا أو يعاشروا نساءهم، وكأن شيئا لم يقع! ولولا أن الذين يحملون الدعوات- كما قال شوقى : إن الذى خلق الحقيقة علقما لم يخل من أهل الحقيقة جيلا ولولا أن بعض الناس يرى أنه لابد أن يقول الحقيقة، ولو مات، ولو أن الموت فى هذا يكسبه الشهادة، ما بقى للإسلام من يتحدث عنه وباسمه.. يقول المتنبى: حتى رجعت وأقلامى قوائل لى المجد للسيف ليس المجد للقلم اكتب به أبدا قبل الكتاب بنا فإننا نحن للأسياف كالخدم فإذا كانت وظيفة القلم، أو الرأى، أن يخدم أصحاب السلطة، فإن الأمة الإسلامية ستكون آخر الأمم، بالطريقة التى تعيش بها. والغريب أنى لا أرى هذا فى العالم الآخر! عندنا أزمة فهم.. عندنا أزمة فقه.. وعندنا مع هذا وذاك أزمة فكر.. والمحزن أن الذين يملكون الفكر، يملكهم من يملكون السيف.. فالمحنة كبيرة فى العالم الإسلامى، ما بقى السيف قادرا على ضرب الفكر، وتحديد إقامته.. ص _١٥٤


الصفحة التالية
Icon