فإن العادات عند هؤلاء تكاد تكون أهم من العبادات والتقاليد الروحانية التى جاء بها الإسلام. تغيير الأفكار والنفوس.. هو الأساس كثير من الناس يرى: أن التغيير المطلوب هو تغيير ثقافى نفسى، وأن التغيير الثقافى هو الذى يستتبع ويؤدى إلى التغيير السياسى ـ ذلك أن السياسة أحد مظاهر الثقافة ـ وأن مواطن التغيير الحقيقية والتشكيل الحقيقى فى الإنسان هى مواطن التربية والدعوة، وأن الحكم يمكن أن يأتى ثمرة لذلك.. فهم يفكرون بأن الخلل الذى الحق بالأمة، يمكن أن يكون خللا فكريا أو ثقافيا وليس سياسيا، لأن الخلل السياسى إنما تربع وامتد فى إطار الخلل الفكرى، أو التربوى، أو الدعوى الذي شكل القابلية لامتداد الخلل السياسى، والله سبحانه وتعالى يقول: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) حبذا لو أعطيتمونا من خلال بعض الآيات نماذج على نهوض الأمم من خلال التغيير الثقافى، وإصلاح عالم الأفكار؟ قولك بأن الخلل قد يكون فكريا ثقافيا، فهذا صحيح.. وأنا لاحظت أن الثقافة الإسلامية، حدث فيها شىء من العوج. فمن ناحية التربية والتصور، انسحب الناس من الحياة.. رأوا أن المجتمع فاسد، فانسحبوا وهربوا منه بدل أن يغيروه. وإذا نظرنا فى فقه المعاملات والعبادات، أنا لا أعرف أمة أطالت الوقت فى الفروع الفقهية كأمتنا.. الوضوء مثلا، يمكن أن تتعلم فى دقيقتين، فما الذى يجعل فيه مئات الصفحات والكتب، بل والمجلدات، وتختلف المذاهب فيه؟ هذا شىء عجب! حتى أنى سميت الوضوء: "علم تشريح الوضوء"! لاشك أن هذه المساحة التى أخذها البحث فى الفروع الصغيرة، كانت على حساب القضايا الكبيرة. نلمح من معطيات القرآن الكريم: أن التغيير هو تغيير النفوس: ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ص _١٥٧


الصفحة التالية
Icon