والمحتمل، والأكمل لمدلول ذلك النص، وصار أى ص _٠١٨
رأى أو احتمال آخر، خروجا عن الإجماع أو نوعا من الابتداع! وقد لا نستغرب فى هذا المناخ أن ينتهى بعض الفقهاء والأصوليين إلى القول: (كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا، فهو مؤول أو منسوخ)! وهذا القول منسوب لأبى الحسن الكرخى من الأحناف. وقد يكون هذا واقع العقل المسلم لكثير ممن سيطر عليهم مناخ التقليد الجماعى، وإن لم يصرحوا به، وأصبح كف العقل عن فهم وتدبر القرآن، مناخا عاما يصعب الانفلات منه. وجاءت ثمرة ذلك: مجاهدات عقلية، وجهود فكرية غير مجدية، استغرقتها مسائل الفروع التى كتبت فيها مئات المؤلفات من المتون، والحواشى، والشروح، والاختصارات، وضاعت بذلك مقاصد الدين. وحوصر امتداد القرآن والسنة عن شعب المعارف الأخرى، كما توقف الامتداد فى بعدى الزمان والمكان، وانطفأت بذلك جذوة العقل السليم، وتجمدت قيم الدين ومقاصده فى مجال الشورى، والعدل الاجتماعى، والمساواة والحرية، وغاب الفقه القرآنى بمعناه الشامل ليقف عند حدود الحل والحرمة لبعض الفرعيات، وقطعت الرؤية القرآنية الشاملة، وسادت النظرات الجزئية، وعم العجز، وتوقفت النظرة الموضوعية لتخلى مكانها للرؤى الموضعية. لقد أورثنا مناخ التقليد الجماعى الذى عطل فينا ملكة الاجتهاد، والإبداع، والإنجاز لقرون طويلة نوعا من العجز المزمن، جعلنا دون سوية التعامل مع القرآن، وإدراك سننه فى الأنفس والآفاق، والاقتصار على بعض مئات من الآيات نظر فيها الأقدمون على أنها آيات الأحكام التشريعية.. ولا نزال، إلى اليوم، نبدى فيها ونعيد من خلال ميراث الفقهاء وليس من خلال موقعها من الرؤى القرآنية حيث للآيات مقاصد عدة: تربوية، واجتماعية، ونفسية، وكونية، ومنبهات حضارية، ووسائل الكشف العلمى حيث لا يخرج الحكم التشريعى عن أن يكون واحدا منها. ص _٠١٩